- تمرين فلسفي : تحديد البنية المفاهيمية لنص فلسفي.ومن الكلمة إلى المفهوم

التصنيف

 

 

1-تمرين فلسفي : تحديد البنية المفاهيمية لنص فلسفي.

            


 

تمرين فلسفي : تحديد البنية المفاهيمية لنص فلسفي.


نموذج نص لأفلاطون .

إن الفيلسوف يلتمس قدر الإمكان كل السبل إلى إبعاد النفس (العقل) عم معاشرة الجسد (الحواس)...فمتى أشرك العقل الجسد فيما يحاول أن يبحث فيه،يلاحظ أنه يوقعه في الخطأ..على الفيلسوف أن يتخلص من جسده كله لأنه يُعكّر صفو العقل ولا يسمح له بالوصول إلى الحقيقة."

يستعمل مدرسي الفلسفة صيغتين لاستخراج مفاهيم النص،وذلك من خلال عنوانين :
 مفاهيم النص أوالبينة المفاهيمية. السؤال ما رهان العنوانين ؟ هل يتعلق الأمر فقط باستخراج مفاهيم النص أم بتحديد المفاهيم ضمن سياقها الإشكالي ؟هل التنصيص على " استخراج مفاهيم النص" يركز على الدلالة المعجمية فقط؟ وهل لصيغة " البنية المفاهيمية " دلالة فلسفية بحيث ترصد طبيعة التعالق بين مختلف مفاهيم النص المؤسسة لحكم الأطروحة وفي نفس الوقت تأخذ البنية المفاهيمية طابعا حجاجيا؟بمعنى آخر تنتظم المفاهيم ضمن شبكة من العلاقات بحيث لا يُمكن فهم مفهوم إلا في علاقته بباقي المفاهيم.ومع ذلك تقتضي كل مقاربة التمييز بين الكلمة والمفهوم ، وبناء على أي اعتبار نعتبر هذه كلمة عادية (شارحة ، مفسّرة، واصفة،...) وبين المفهوم الفلسفي؟

إن الناظم والمحدد للمفهوم هو الحمولة الفكرية للكلمة ضمن السياق الإشكالي، بحيث قد تكون الكلمة في نص ما مفهوما ونفس الكلمة في نص غير ذلك.هنا تظهر يقظة مدرس الفلسفة من خلال تدبيره للمعرفة الفلسفية من حيث منطلقات ورهانات النص موضوع التحليل.

قبل الاشتغال على البنية المفاهيمية لنص أفلاطون كنموذج، نذكر بالتعاقد الذي تم  التداول بشأنه لحظة الأيام التكوينية لمادة الفلسفة على الصعيد الوطني، بهدف تقريب المقاربات الديداكتيكية للنصوص في علاقتها بالمحور الذي تندرج ضمنه ثم ضمن التصور المفهومي العام الذي تؤسس له المجزوءة. وعلينا كمدرسي أن نتعاقد أيضا مع المتعلمين بخصوص طبيعة رهان وكيفية تشكّل اللغة الطبيعة ضمن مفاهيم تنتقل من الدلالة الحسية العادية إلى الدلالالة المجردة..وقد ورد في ورقات التكوين المستمر تعريف المفهوم كالآتي:"  يتم التعرف على المفهوم في النص،من خلال لفظ دال،لكن قراءة النص الفلسفي لا تقف عند هذا اللفظ، بل ينبغي أن تترصّد المفهوم في تحولاته وتوتراته وحضوره المنتظم في النص ،وفي العبارات الشارحة له أو التي تُعرّفه...ومن خلال علاقاته بألفظ ومفاهيم أخرى منتشرة في النص والتي تشكّل ما يسمى بالمجال السيمانطيقي للنسق أو لفلسلة الفيلسوف.

 يقوم المفهوم بوظيفة تنظيم مجال النص من خلال البعد التكويني التاريخي والبعد البنائي الذي يحيل إلى العلاقة الإشكالية  والتيمية التي تربطه بمفاهيم أخرى. وغالبا ما يظهر المفهوم في مقاطع معينة من النص، يبني فيها الفيلسوف جهازه المفاهيمي، ويثبتُ فيها المعنى، في أطار سياق يساهم في بناء هذا المعنى.لذا لايمكن الفصل بين المفهوم واستعمالاته."

بالرجوع إلى نص أفلاطون، لابد من تحديد أسئلة بيداغوجية هادفة تساعد المتعلمين على استجلاء البنية المفاهيمية للنص، بالعلاقة من رهانات المجزوءة وضمن السياق الإشكالي للمحورـ وبالعلاقة مع نصوص أخرى تتم مقاربتها من خلال التناظر فيما بينها.

للإشارة فالنص تم توظيفه ضمن 
مجزوءة الإنسان،المحور الأول :الإدراك الحسي والوعي.مما يعني أن المتعلمين على وعي بالإشكال المركزي للمحور والمفترض أن يكون :كيف يتحقق الوعي كتحربة شعورية / سيكولوجية بالعلاقة من حواس الجسد؟كيف نجمع سببيا من حيت الانوجاد بين جسم مادي يخضع لقوانين فيزيائية، وبين عقل ( المُنتج للوعي )كمعطى لامادي يحتلف جوهريا عن طبيعة الجسم؟بمعنى آخر كيف يحصل أن نظاما ماديا فيزيولوجيا وكيميائيا  يُنتج استشعارا بالوعي بالأشياء والموضوعات..؟ إننا في النهاية أمام طبيعة العلاقة بين العقل والجسد. هل هما يتجاذبنا في إنتاج المعنى أم هما متنابذان كل له مجاله الخاص أم أن أحدهما فقط هو المؤهل لإنتاج معنى الموضوعات..

إذن لا يمكن تحديد البنية المفاهيمية إلا من خلال الإشكالات المفترض في النص تحديد موقفه منها من خلال بنية مفاهيمية ( وهي في نفس الوقت تلعب دور البنية الحجاجية إذا أفلحنا في توظيفها).

ضمنيا نص أفلاطون يطرح الإشكال التالي : 
ما الإنسان ؟ ومن خلال النص كان جوابه " الإنسان عقل وجسد.مما يعني أننا أمام فلسفة ثنوية : الإنسان مزدوج الوجود. وعند كل ثنوية تُطرح إشكالية العلاقة بين عنصريها، ويُحتمل ثلاث إجابات: تفضل العقل، تفضيل الجسد، الإقرار بالعلاقة التكاملية...

بينما الإشكال الصريح للنص الأفلاطوني هو : ما أساس حقيقة الوجود الإنساني ؟ هل تتأسس على العقل أم على الجسد؟ وما الحجج لكل الاحتمالين؟

من اللافت للنظر أن أفلاطون بنى مفاهيم النص بطريقة تسمح للقارئ أن يستخلص أطروحة النص بكل وضوح.

البنية المفاهيمية للنص الأفلاطوني :

يتضمن النص مفهوما مركزيا  مُضمرا هو (1
الإنسان  في شخص (2الفيلسوف الباحث عن الحقيقة وباعتباره نموذجا يجب أن يُقتضى به والشبه به.والإنسان (3عقل و(4) جسد ،ولكل منهما (5)وظيفة.

1-    وظيفة العقل هي (6)
البحث عن الحقيقة.

2-    وظيفة الجسد (7
إعاقة العقل في الوصول إلى الحقيقة من خلال(وبحجة )(Cool الخطأ و(9يُعكّر

3-    لهذا فالمطلوب من العقل (10
التخلّص من الجسد.




المطلوب هو قراءة هذه التقابلات المفاهيمية من خلال النسق الفلسفي الأفلاطوني، وباستحضار الأليات الحجاجية ومنها المقارنة التفاضلية بين العقل والجسد، والكشف عن خلفية عدم اعتراف أفلاطون بدور الجسد في تحديد مفهوم الإنسان. في هذه الحالة يمكن توظيف نص آخر لأفلاطون كي نفهم أكثر موقفه السلبي من الجسد. والنص المناسب كالتالي كي نفهم أكثير شبكة المفاهيم التي اندرجت ضمن مقارنة تفاضلية :

ما الرغبة؟ يقول أفلاطون:" إنه يوجد من الملذات والرغبات غير الضرورية ما هو في رأيي مُفتقر إلى كل تنظيم. ويبدو أن هذه الرغبات فطرية في الناس أجمعين،غير أنّ قمعها عن طريق القوانين والرغبات الأفضل، قد يؤدّي إلى اقتلاعها من جذورها عند بعض الناس،أو إلى الإقلال من عددها والتخفيف من حِدّتها...ولكن عن أيّ الرغبات نتحدث ؟ إننا نتحدث عن تلك التي تستيقظ خلال النوم، أي عندما يُغيّبُ الكرى ذلك الجزء العاقل الرفيع من النفس ( العاقلة)، الذي يتولى التحكّم في الجزء الآخر، بينما ينطلق الجزء الحيواني المتوحش في النفس من عقاله، مُثقلا بالطعام والشراب، فينفضّ عن نفسه النوم، ويبحث عن مجالِ لنشاطه ومُتنفس لشهواته، فالنفس في هذه الحالة لا تخجل من شيء، كما لو كانت قد تحلّلت من كل حياء، فلا تتردّد في أن تحاول بالخيال أن تَهْتِكَ عِرْضَ الأمّ أو من عداها...ولكل واحد منّا نوع من الرغبات الفظيعة، المتوحشة ، الهوجاء،وهي رغبات نجدها حتى في تلك الصفوة القليلة من الناس الذين يبدون على قدر كبير من الاعتدال.."كتاب الجمهورية".

 

شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: