الفلسفة بتتكلم فرنساوي ( على هامش قضية إنشاء فلسفي كتبه مترشح باللسان الفرنسي)

التصنيف



الفلسفة بتتكلم فرنساوي
( على هامش قضية  إنشاء فلسفي كتبه مترشح باللسان الفرنسي)

من خلال تجربتي الفصلية، كنتُ في بعض الأحيان أشتغل على نص باللسان الفرنسي،أو الاستشهاد بقولة مترجمة إلى اللسان الفرنسي ( الفرنسية بحكم شيوع تداولها) وقد استحسن التلاميذ فكرة استحضار النص الأصلي المترجم إلى اللسان العربي والاشتغال عليه بهدف الاستئناس بطريقة الكتابة الفلسفية للفياسوف.
كذلك خلال التداول في البنية المفاهيمية للنصوص، غالبا ما نستحضر المفهوم بشكله اللاتيني من حيث الأصل الاشتقاقي/ الإيتيمولوجي، بحيث لا يخلو درس فلسفي من جملة من المفاهيم كما تداولها الفلاسفة بالإضافة إلى ذكر المقابل الفرنسي للمجزوءات ومفاهيم المحاور.
ومن بين النماذج التي كنتُ أشتغل عليها بعض النصوص لسارتر وبعضا من نصوص ديكارت :

- Pour obtenir une vérité quelconque sur moi, il faut que je passe par l'autre. L'autre
    Est indispensable à mon existence, aussi bien d'ailleurs qu'à la connaissance que j'ai
     De moi… Ainsi, découvrons-nous tout de suite un monde que nous appellerons
     L'intersubjectivité et c'est dans ce monde que l'homme décide ce qu'il est et ce que
     Sont les autres. (Sartre. L'existentialisme est un humanisme.pp.66.69)


Première Méditation
Des choses que l’on peut révoquer en doute.
Il y a déjà quelque temps que je me suis aperçu que, dès mes premières années, j’avais reçu quantité de fausses opinions pour véritables, et que ce que j’ai depuis fondé sur des principes si mal assurés, ne pouvait être que fort douteux et incertain ; de façon qu’il me fallait entreprendre sérieusement une fois en ma vie de me défaire de toutes les opinions que j’avais reçues jusques alors en ma créance, et commencer tout de nouveau dès les fondements, si je voulais établir quelque chose de ferme et de constant dans les sciences. Mais cette entreprise me semblant être fort grande, j’ai attendu que j’eusse atteint un âge qui fût si mûr, que je n’en pusse espérer d’autre après lui, auquel je fusse plus propre à l’exécuter ; ce qui m’a fait différer si longtemps, que désormais je croirais commettre une faute, si j’employais encore à délibérer le temps qu’il me reste pour agir.
Maintenant donc que mon esprit est libre de tous soins, et que je me suis procuré un repos assuré dans une paisible solitude, je m’appliquerai sérieusement et avec liberté à détruire généralement toutes mes anciennes opinions Or il ne sera pas nécessaire, pour arriver à ce dessein, de prouver qu’elles sont toutes fausses, de quoi peut-être je ne viendrais jamais à bout ; mais, d’autant que la raison me persuade déjà que je ne dois pas moins soigneusement m’empêcher de donner créance aux choses qui ne sont pas entièrement certaines et indubitables qu’à celles qui nous paraissent manifestement être fausses le moindre sujet de douter que j’y trouverai suffira pour me les faire toutes rejeter. Et pour cela il n’est pas besoin que je les examine chacune en particulier, ce qui serait d’un travail infini ; mais parce que la ruine des fondements entraîne nécessairement avec soi tout le reste de l’édifice, je m’attaquerai d’abord aux principes sur lesquels toutes mes anciennes opinions étaient appuyées.


" "كنت قد انتبهت منذ سنواتي الأولى ، إلى أني قد تقبلت كمية من الآراء الخاطئة على أنها أراء حقيقية وصادقة، وإلى أن ما أقمته على هذه المبادئ غير المؤكدة، لا يمكن أن يكون إلا أمورا مشكوك فيها وغير مؤكدة، وذلك بحيث كان علي أن أقوم           مرة واحدة في حياتي ، بالتخلص من كل الآراء التي تلقيتها إلى ذلك الوقت، وأن أبدأ كل شيء من جديد ابتداء من الأسس، وذلك إذا ما كنت أريد أن أقيم قدرا من اليقين الصلب والثابت في المعارف والعلوم. لكن بدا لي في ذلك الوقت أن هذه المهمة كبيرة جدا بالنسبة       لعمري، فانتظرت إلى أن أبلغ أقصى سن أصبح فيه أكثر نضجا، بحيث أستطيع إنجاز هذا الأمر،أي تقويض كل آرائي السابقة...لكن بما أن العقل يقنعني بأن علي ألا أتردد في تصديق بعض الأشياء التي ليست تامة اليقين بنفس القدر الذي يمكن أن أصادق فيه على أشياء تبدو لنا خاطئة بشكل جلي، فإن أدنى عنصر شك أعثر عليه فيها يكفي ليجعلني أرفضها.   ديكارت. تأملات ميتافيزيقية. من مقرر مباهج الفلسفة.ص 104                                                       

في بعض الأحيان يكون النص بالفرنسية أقرب إلى الفهم من كثير من النصوص المترجمة.وأذكر في إطار مناقشة قضية الإفتراء على بعض الفلاسفة أو تصحيح بعض تقطيع النصوص كنتُ أضطر إلى تصحيح الوضع من خلال استحضار النص الأصلي حتى يفهم التلاميذ من المتن حقيقة موقف الفيلسوف من إشكال معين.وهذا حدث مع سارتر حين ينسب إليه أنه قال: بأن بيني وبين الغير هوة وعدم.....!!!وكان من الضروري الاحتكام إلى النص باللسان الفرنسي للحسم في موقف سارتر من وجود الغير ومن قال بوجود العدم والهوة في متنه....وحتى بخصوص مقولة " الآخرون هم الجحيم كنا نتحتكم إلى تسجيل صوتي لسارتر نفسه وهو يشرح سوء فهم المتلقين لمقولته وكان التلاميذ يجون الإنصات إلى فيلسوف يتحدث بنفسه .وأعرف أن بعض المدرسين يشجعون تلامذتهم على ترجمة بعض القولات الفلسفية من لسانها الأصلي إلى اللسان العربي. هو ذات المشكل بخصوص حضور العلوم الدقيقية في مادة الفلسفة. وأعرف تجارب نوعية كان يحضر فيها مدرس الفيزياء مع مدرس مادة الفلسفة لمناقشة قضية علمية أمام التلاميذ في مجزوءة المعرفة ثم مقاربتها فلسفيا بعدأن تم تعريفها علميا. هذا اللقاء بين مدرس الفيزياء أو الرياضيات مع مدرس مادة الفلسفة في درس الفلسفة تجربة نوعية تعكس انفتاح الدرس الفلسفي على كل المواد وقدرته على التفاعل معها.أذكر في موضوعة اللغة كنت أقف عند نص رولان بارث حين تحدث عن سلطة اللغة...واقترحَ بارث للتحرر من سلطتها القيام بخيانتها عن طريق الاستعارة والتشبيه والمجاز...و كنتُ أوجه التىلاميذ إلى مدرس اللسان العربي كي يفسر بالتدقيق دلالة خيانة اللغة بالمعنى اللغوي وليس بالمعنى الأخلاقي..بالمحصلة انفتاح الفلسفة على باقي المواد ضرورة بيداغوجية.
على العموم كان توظيف النصوص الأصلية نقلة نوعية في تطوير الدرس الفلسفي، وربما بالنسبة لمدرس متقن للسان الإنجليزي أو الألماني يمكن أن يوظف نصوصا بهذين اللسانين مع تلاميذ يدرسون اللسانين الإنجليزي والألماني، وحبذا لو يطلع التلاميذ على تجربة الخطاب الفلسفي لهيجل وماركس ونيتشه ولوك و وهيوم وهيدجر وراسل من أجل الاستئناس في إطار تحقيق التكامل بين مدرس مادة الفلسفة ومدرس الألسن داخل الثانوية.
بالمحصلة جل مدرسي مادة الفلسفة يوظفون لحظة بناء الدرس جملة من التعابير والصيغ الفلسفية بلسان غير اللسان العربي، وهذا إثراء للدرس الفلسفي، بل التلميذ يتعرف أيضا على عدد من المفاهيم بلسانها الآثيني كما تداولها سقراط وأفلاطون.
أما بخصوص كتابة الإنشاء الفلسفي بلسان غير اللسان العربي، ففي نظري من الأفضل التساهل مع هذا المترشح أو المترشحة، وتحسم الوزارة المعنية في هذه القضية السنة المقبلة من خلال مذكرة وزارية وإن كنتُ أميل إلى تحرير الموضوع الإنشائي بلغة التدريس ولا أرغب في المزايدة على هذا المشكل ،لأنه إن فتح المجال لحرية اختيار تحرير موضوع إنشائي من دون تعاقد سندخل في دوامة لا مخرج منها.


شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: