الداتشاو ومعضلة بناء الدرس الفلسفي.

التصنيف
أتساءل ماهي الإضافة النوعية التي تقدمها تقنية الداتشاو للدرس الفلسفي؟قد نتفق على أن عرض أشرطة مصورة أو صور ثابثة (كما في مادة الفيزياء والطبيعيات والاجتماعيات..) أو نصوص فلسفية وغيرها من النصوص...مقبولة بعد تحليلها وإخضاعها للمناقشة بإشراك التلاميذ....لكن حينما يتم عرض تمثلات وتحاليل جاهزة لم يُشارك التلاميذ بمعية المدرس في إنتاجها، هنا نطرح السؤال:ألا يتحول الدتشاو إلى ما يُشبه الإلقاء الجاهز بدل تشغيل التلاميذ من خلال السبورة؟مثال أحد المدرسين في مفهوم السعادة، أسقط من خلال الدتشاو مختلف التمثلات العامية للسعادة جاهزة تُرفقها صور كُتب تحتها مضمون التمثل. فسألتُ المدرس: لماذا لم تشتغل على تمثلات التلاميذ لمفهوم السعادة، وتُكتب تلك التمثلات على السبورة ويفتح بصددها نقاش أفقي بين التلاميذ. فالداتشاو " قمع " اجتهادات التلاميذ وقدّم لهم مواقف جاهزة قد تكون بعيدة عن تمثلات التلاميذ أنفسهم.
علينا التفكير في الأسئلة التالية:
1- متى وكيف وفي أية لحظة من لحظات الدرس نوظف الداتشاو؟
2- هل يشكل الدتشاو بديلا عن السبورة أم هو مجرد وسيلة من وسائل الإيضاح؟
3- ألا يُهمّش الداتشاو فاعلية التلاميذ في الإبداع والاختلاف، بحجة أن مضامين الداتشاو تكون جاهزة ولا يمكن تعديلها، وبالتالي تُفرض على التلاميذ ، بينما وسيلة السبورة تتسم بالحيوية وإمكانية التصحيح والتعديل والزيادة والنقصان.
4- تكمن القيمة الأصلية لتقنية الداشاو في تقديم معلومات ومعطيات وبيانات وجداول جاهزة للحاضرين اختصارا للوقت،
إن الداتشاو في نظري ، قد تكون له انعكاسات سلبية على بناء الدرس الفلسفي، وكان من المفروض أن تُناقش وظيفة هذه التقنية ضمن اجتماعات التكوين المستمر.
أعطي بعض الأمثلة على مُعيقات الداتشاو في البناء التشاركي للدرس الفلسفي:
أحد المدرسين في مفهوم الشغل كتب مسبقا المراحل التالية:
المحور الأول: الشغل خاصية إنسانية. وكتب المدرس في الدتشاو إشكال المحور كالتالي: هل الشغل خاصية إنسانية؟ وسيشتغل على نص كارل ماركس بنفس العنوان : الشغل خاصية إنسانية.فكانت ملاحظتي التالية:ألا تعتقد أن الإشكال الحقيقي للمحور هو : بأيّ معنى الشغل خاصية إنسانية؟ ما دامت صياغة المحور تؤكد على ذلك. فكيف نحكن مسبقا على أن الشغل خاصية إنسانية ثم نتساءل هل الشغل خاصية إنسانية. هذا نشاز فكري غير مبرر، وبالتالي لا يُمكن تصحيحه في الدتشاو لأنه جاهز، ولو كتب على السبورة، ولاحظ أحد التلاميذ هذه المفارقة يمكن حينها القيام بتصحيح صيغة الإشكال.
-أحد المدرسين نسي كتابة إشكال المحور في الدتشاو، وانتقل مباشرة لتحليل النص. أتساءل بأي أفق سيتم تحليل النص؟ ففي الحالتين الأولى والثانية تظهر قيمة السبورة البيداغوجية، بحيث يُمكن للمدرس تدارك بعض الهفوات، وتسمح السبورة بإمكانية إعادة التصحيح بخلاف الدتشاو. ...
يُمكننا البدء بتشخيص سلبيات وإيجابيات الداتشاو، مع العلم أنه بدأ ينتشر بسرعة مهولة من دون التفكير في مدى إمكانية نجاعة هذه التقنية من عدمها، وأستسمح البعص ، في إطار ثقافة البوح،بالقول إن البعض يتخذها كم...طية من خلالها يريد أن يقنعنا بأنه منفتح على التطور وفي بعض الأحيان يقدح في " طريقة التدريس التقليدية"!!!! التي تعتمد السبورة السوداء.إلى درجة التباهي أمام زملائه بأنه
من بعض سلبيات توظيف الداتشاو، كثرة الأوقات الميتة بسبب عطل في جهاز الحاسوب أو الداشاو نفسه،أو انزياح الصورة عن إطارها على الشاشة،أو ضبابية الصورة، والتنقل المتكرر للمدرس بين الشاشة ونشغيل الدشاو من خلال مفاتيح الحاسوب.. وهذه الأزمنة الميّته أحد العوامل التي تعيق التفكير بسبب أن التلاميذ يربطون تفكيرهم بسلامة التقنية،ناهيك عن انقطاع الكهرباء وغير هذا من المشاكل التقنية، والتي نحن في غنى عنها خاصة أن حيوية الدرس تُقاس من بين ما تقاس به مساهتهم الفعلية من خلال الكتابة على السبورة، بحيث تكون عناصر الدرس حاضرة ومسجلة على السبورة، ويمكن أن تستغل في التغذية الراجعة أو التقويم التكويني . من هنا تختلف الهندسة اليداغوجية للسبورة السوداء وهي أيضا خصراء وعند البعض بيضاء(من البلاستيك) عن الهندسة البيداغوجية للداتشاو بحيث يتم الاشتغال مع التلاميذ من خلال تتابع مقاطع الدرس بحيث تغيب جلها لحظة الانتقال إلى مراحل أخرى، مما يصعب على التلاميذ متابعة مراحل الدرس التي تغيب بالتدريج ليجد نفسه في النهاية أمام آخر مرحلة من التحليل.فكيف سيتم نقل ما تم تحليله في دفتره؟
أيّ درس يجب أن يُبنى مع التلاميذ، وغالبا ما تكون هناك مفاجآت لم تكن في حسبان المدرس ويُدمجها في الدرس..بينما تقنية الدشاو تقدم درسا " مُعلّبا" جاهزا يفرص نفسه على تلميذ يتحول إلى متفرج على شاشة أعدّ جل مراحلها مدرس يفتخر أنه نقل تلاميذه إلى عالم التقنية.
........
أترك إبراز مزايا الدتشاو للذين يستعملون هذه التقنية ليس دائما ولكن في بعض الأحيان.ففي نظري يُشتعمل الدتشاو للأخبار أولا..أما الدروس في تُبنى بمعية التلاميذ.

شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: