أسئلة تحتاج إلى مساءلة. ( في أزمة الحداثة الخطابية )

التصنيف



أسئلة تحتاج إلى مساءلة. ( في أزمة الحداثة الخطابية )



كثُر الحديث عن مطلب الحداثة والعَلمانية...سؤالي: منِ الموكول إليهم تحقيق الحداثة؟ ومَنِ المعنيّ بمطلب الحداثة؟ وكيف التواصل معه لإقناعه بمطلب الحداثة؟ أن يتحلى بالحداثة في مقابل التخلي عن ما قبل الحداثة، فما هذا الذي سَينْمحي لتحُل مكانه الحداثة؟ وهل بالفعل تمّ التفكير في شروط وآليات ترجمة الحداثة واقعيا من خلال إخراجها من الصالونات والمحاضرات..إلى حيث إمكانية وجودها بالفعل وليس بالقوة؟ أفترض أن معظم الناس في المحيط يستعملون العقل والتكنولوجيا في تدبير أمورهم اليومية، ومع ذلك نتساءل عن سبب عدم المطابقة بين استعمال العقل والتكنولوجيا والعقلنة المُفضية للحداثة في مختلف تجلياتها الفكرية والسياسية والحقوقية...إذن هناك حلقة مفقودة...بين الآلية وطريقة توظيفها.
في الغرب، هناك غربان بتعبير عبد الكبير الخطيبي.الغرب الإمبريبالي والغرب المُغاير.فأيهما يملك صفة الحديث باسم وعن الحداثة؟ أين مفعول الغرب المُغاير مقارنة مع غرب الشركات المتعددة الجنسية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهلمّ جرا من مؤسسات " تطحن" مواطنيها في عقر دارهم المركز،وما بالك نحن في المحيط بحيث حدّث ولا حرج عن كل أصناف المفارقات واللامعقول والتفكك والتعايش بين المتناقضات حتى بين الذين يؤمنون بالحداثة ويطالبون  بتحققها كنهج في الوجود ضد تقليدانية ماضوية وجب القطع معها !!!!، وهذه المعيقات طبعا من خصوصية علاقات الإنتاج الكولونيالية التي خلفها الاستعمار..هل تحتاج الحداثة إلى إرادة قوة تُترجمها على أرض الواقع بدل قُصورالتنظير والتعريف والشرح ومجرد الدعوة منذ قرن من وهم عصر النهضة؟ ما مدى قوة الداعين من المثقفين للحداثة والعلمنة في جعلها جزءََ من الحياة اليومية؟ أتصور نقل الدعوة إلى الحداثة من الصالونات إلى الفضاء العمومي المفتوح : الأسواق، المقاهي،الحدائق العامة، جامع الفنا،السهول والهضاب والجبال العربية والأمازيغية...المؤسسات التعليمية...الأعلام السمعي البصري..والأهم إلى المؤسسة التشريعية، وهنا يجب مُساءلة دور الفاعلين السياسيين في الدفاع عن مختلف " قيم " الحداثة المطلوبة. لكن هل لدينا بالفعل سياسيين مؤمنين بقيم الحداثة؟ إطلالة سريعة على مطبخ الأحزاب السياسية ، ستكشف عن مآسي مُفزعة، ومن دون سند السياسي للمثقف هذا الأخير يبقى حبيس جدارن الصالونات وبعض المنابر والمواقع الرقمية، وعلى كثرتها، هي الأخرى فقدت قيمتها وسط زحام من المعلومات والمواضيع التي لا تنتهي.إذن هل تحتاج الدعوة إلى الحداثة إلى ترخيص من قبل سلطة سياسية تؤوّل الحاجة إلى الحداثة حسب مصلحتها، ومن ثمة نفهم عناوين مختلف مضادات الحداثة من خلال  أشكال الفساد ونهب المال العام والبطالة والتفقير والتيئيس وكل الإصلاحات المشؤومة..إذن ما العمل؟ لم أجد أجوبة في صالونات المحاضرات وخرجت أبحث عنها في واقع الناس، فبدا لي أن مطلب الحداثة عليه أن يراجع ذاته ويُسائل شروط تحققه قبل حمله إلى فضاءات لا يحضرها غير منظميها!!!!! إن من شرط التنوير، كما في غرب القرن 17، وجود أناس كقوة اجتماعية قادرة على الإيمان بقيم التنوير وترجمتها في الواقع. فالمفكرون الأنواريون، على قلتهم ، لم يُكتب لهم نجاح دعوتهم  لولا اقتناع عموم الناس بأهمية التنوير.أذكر أنه في سبعينات القرن الماضي في دولة اليمن لما كان اليسار طبقة سائدة، كان أئئمة المساجد يرفعون أكففهم ويدعون الله لنصرة " الشيوعية" والشيوعيين، وتسمع المصلين يرددون " اللهم آمين"!!!.

لقد صدق ماركس حين قال : الثقافة السائدة للطبقة السائدة"والحالة هذه إذا كان المثقفون بمختلف تلاوينهم ليسوا من الطبقة السائدة فكيف لهم خلق شروط تحقق الحداثة في حالة رفض الطبقة الحاكمة مطلب الحداثة؟ هل جرّبوا التقرب (حداثة القرب) من الجماهير باعتبارها السند الحقيقي لتحقيق ما يُراهن عليه المثقفون،أما حداثة الخطابة والتنظير فهي بالفعل سائدة بين الطبقة المتوسطة وإن على مستوى المظهر. بقي لنا مُساءلة مختلف جمعيات المجتمع المدني( أستثني الجمعيات الحقوقية والفنية والمهنية وأطاك...وهي أيضا جمعيات نخبوية بالرغم من إيمانيا بعدالة قضايا الجماهير)  أُركز المساءلة على آلاف من الجمعيات المنتشرة عبر جل ربوع المغرب والتي كانت تُسمى ب" الجمعيات الثقافية التطوعية. السؤال ما حصيلتها الفكرية والثقافية إلى جانب عملها " التنموي"!!!! (تقوية القدرات (الخياطة، الحلاقة، الطبخ بمقابل مادي !!!!!!!!!!!!! والاستتثمار في تربية مختلف الحيوانات الأليفة) باختصار ،رحم الله الجمعيات الثقافية التنويرية التطوعية  لسنوات الستينات والسبعينات... قبل أن تتحول إلى جمعيات للتنمية وتعلّم الحصول على دخل قار.!!!!!هذا النوع من جمعيات المجتمع المدني لا يختلف عن جمعيات الملتقيات الصالونية، دفنوا إمكانية التوعية عبر العمل الثقافي التطوعي العمومي ، ومنه التداول في مطلب الحداثة والديمقراطية.....إذن أما آن الأوان لإعادة النظر في آليات الدعوة إلى الحداثة والعلمانية والديمقراطية، والبحث عن بديل للآليات المُتّبعة حاليا وهي أقرب إلى الخطابة الاستهلاكيه منها إلى التحقق الفعلي وبشروطه الموضوعية والذاتية.
شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: