بيان من أجل إنصاف الفلسفة.بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة.

التصنيف


بيان من أجل إنصاف الفلسفة.بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة

سلافوي جيجيك يتفلسف سياسيا في الشارع
    أتساءل ألم يحن أوان القطع مع ظاهرة" تبجيل الفلسفة"douleia في الواقع العربي،والنظر إليها، بكل تواضع وموضوعية، في حقيقتها ، وفي إمكاناتها الذاتية،(المعرفية والمنهجية..) ومن خلال علاقتها براهنها،وفي ما يمكن أن تساهم فيه إلى جانب باقي المعارف والعلوم الآخرى.بحيث أن الإفراط في تحميل الفلسفة ما يفوق طاقتها،وذلك من خلال العديد من الإسقاطات والتي لاعلاقة لها بالفلسفة (ربما عن حسن نيّة ) قد يضر هذا السلوك والمنحى بالفلسفة أكثر مما يخدمها، بدليل أن هذا " التبجيل" عادة ما يصطدم بالواقع بدليل غياب الفعل الفلسفي بالصورة التي يتم التنظير لها ، في مختلف مناحي الحياة، ومنها الفضاءات التي تدرس الفلسفة أو المنابر التي تروج لها .وليس تكثير اللقاءات والندوات دليل على " زلزال فلسفي" أو " يقظة فلسفية" بقدر ما هو لقاءات نخبوية،وغالبا خاصة،ولها نشطاء يحترفون " التنشيط" من دون فاعلية تُذكر، وبحضور باهت،لقاءات تُحافظ على صورة الفلسفة من دون عمق اجتماعي وثقافي يترسخ في فكر وممارسة مَنْ تتوجه الفلسفة إليهم، وتحاول من خلال ممارسيها ومدرسيها أن تكون جزءَ من حياتهم اليومية،، وتكتسب أصدقاء ومحبين ومتعاطفين..جدد مع توالي السنوات، بل ومطلوب من ممارسيها أن يكونوا قدوة في إيمانهم بالفعل الفلسفي فكرا وسلوكا، حتى لاتنطبق عليهم مقولة " يقولون ما لا يفعلون."وما أكثر الشذوذ في المواقف والسلوك من دون مساءلة.وهنا يطرح السؤال : هل الفلسفة مهنة أم نمطا من العيش له مقتضياته وشروطه؟وليس المقصود بالفعل تحوّل الفلسفة إلى عقيدة تتجلى في طقوس وشعائر كما في التدين، بل المقصود احترام الشرط الفلسفي في الوعي والممارسة، وإلا ما شرعية إقناع الغير بأهمية الفلسفة مع حجودها من قبل الداعي لها؟
    لهذه الاعتبارات، من الأفيد تغيير استراتيجية الحديث عن الفلسفة أو الدفاع عنها، من خلال رهان تفعيل مُقتضياتها الذاتية  ومن خلال الوعي بمحدودية وظيفتها في زمن لم يعد يستوعب ما كان للأنساق الفلسفية التقليدية من سلطة ومكانة اعتبارية.الراهن أكثر تعقيدا، مما يتطلب ضرورة تكييف الفلسفة مع المستجدات، ومواجهة الخصوم سواء من الجهة اللاهوتية المتشددة،أو الجهتين الوضعية والبراجماتية.الجهة الآولى تطالب برأس الفيلسوف بعد تكفيره، والثانية تصبو إلى تفكيك الفلسفة وحلّها بدعوى أن لا موضوع لها ولا منهج لها، ومن ثمة حقّ الحديث عن " ما بعد الفلسفة" وادعاء أن الفلسفة بدون موضوع خاص، لكن يمكن أن تجعل من موضوعات العلوم الأخرى موضوعا لها.!!!!! كما جاءت دعاويهم في إطار تفكيك الفلسفة، إلى" إحلال الفلسفة في الثقافة، وتعويض الفيلسوف بالمثقف المتنوع الاهتمامات ولربما الإنتقائي، ففي ثقافة ما بعد الفلسفة، لا وجود لأيّ إنسان محضوض في فهم الواقع أو في امتلاك الحقيقية" (حسب رورتي.أورده مانويل كاريلو في كتابه.خطابات الحداثة).

ويمكن الإطلاع على كتاب رورتي يشرح فيه المقصود بما بعد الفلسفة النسقية:



   أتساءل كيف الانتقال من التنظير الندواتي ( وهومجرد محطة فكرية من بين محطات مُغيّبة) إلى الممارسة الفلسفية في الواقع ؟ ماشروط تحقق أثر الفعل الفلسفي في وعي وممارسة الناس من خلال قدرتهم على الأشكلة والنقد .....، وما هو سقفه الزمني ؟ لا أحد يراهن على طوباوية  تحقق " المجتمع الفلسفي"، ولكن من الممكن تعميم التفكير الفلسفي من خلال إعادة النظر في تقديم الفلسفة والدفاع عنها بما يخدمها لا بما يضرها .
في هذا السياق يمكن إدراج وجهة نظر المفكر "ألان باديو في الصفحة 19 في كتابه "الفلسفة في الحاضر" بمشاركة سلافوي جيجيك :" ثمة فكرة ابتدائية زائفة تحتاج إلى الإلغاء، وهي أن بمقدور الفيلسوف التحدث في كل شيئ. تتمثل هذه الفكرة بفيلسوف التلفزيون : فهو يتحدث في مشاكل المجتمع، ومشاكل الحاضر وما إلى ذلك. لم هذه الفكرة زائفة؟ لأن الفيلسوف يُنشىء مُشكلاته،إنه مبتكر مشاكل، ولذلك فإنه ليس الشخص الذي يُمكن أن يُسأل في التلفزيون، ليلة إثر أخرى عن رأيه بما يجري. الفيلسوف الأصيل هو من يُحدّد بنفسه المشكلات الهامة، فهو شخص يطرح مشكلات جديدة أمام الجميع.فالفلسفة تعني أولا وقبل كل شيء، ابتكار مشكلات جديدة، ويلي ذلك تدخل الفيلسوف في لحظة ما في الوضع – سواء كان تاريخيا أو سياسيا أو فنيا أو عشقيا أو علميا..
قراءة ممتعة للكتاب من خلال الرابط التالي :

http://www.4shared.com/office/qCcHa-aSba/____1_.html



   من هذا المنطلق هناك اجتهادات تروم العمل على تَحقّق الفلسفة واقعيا ومن خلال آليات تتجازو التبجيل وتنتقل من الدعوة إلى ضرورة الفلسفة وأحقيتها ومشروعيتها..... إلى تفعيل الفلسفة في السلوك، وإشاعتها في الحياة اليومية، بدل التباكي على الفلسفة واجترار أحقيتها والحاجة إليها و....وأستغرب من بعض مدرسي الفلسفة الذين يفهمون من مطلب ربط الفلسفة بواقعها كونه " مطلبا شعبويا "!!!! وأن الفلسفة تفكير تأملي .....
   الكتب أدناه تُسائل محبي الحكمة وأصدقاءها وجمعياتها وممارسيها ومدرسيها....ألم يحن الوقت  لفتح الطريق أمام الفعل الفلسفي على أرض الواقع ؟ كيف ؟  الكتب أدناه تعطي بعض الإجابات.
.








شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: