من يوميات مدرس. ما وظيفة النحو؟وهل من المقبول شيوع أخطاء نحوية على صفحات الفيسبوك؟

التصنيف


من يوميات مدرس. ما وظيفة النحو العربي؟




    بالمناسبة تفاعلا مع إحدى حلقات مشارف التي يسهر عليها الشاعر والكاتب عدنان ياسين، والتي خصّص خاتمتها للتذكير بظاهرة الأخطاء النحوية والإملائية التي تظهر على صفحات الفايسبوك وتويتر..وأيضا بعض الأبحاث لمفكرين وشعراء.
.
     أتذكر بعضا من تجربتي مع درس قواعد اللغة العربية،أن جلّ التلاميذ لا يعرفون دلالة علم النحو وكذلك علم الصرف، بالرغم من ممارستهم التطبيقة على علاتها للمقتضيات النحوية والصرفية ( في بعض كلامهم وكتاباتهم وفي حصة التطبيقات).من جهة أخرى ،الشائع لدى مدرسي مادة الفلسفة البدء بتدرس مادة الفلسفة من خلال سؤال ما الفلسفة ؟ تختلف منهجيات المدخل إلى الفلسفة حسب المدرسين.لكن في حدود علمي، ما من مدرس لأيّ مادة يطرح سؤال ما....؟ وكنتُ من باب الفضول أسأل تلاميذ الشعبة الرياضية: ما الرياضيات وما موضوعها وما منهجها؟ كانوا يتفاجأون بهذه المساءلة الإبستمولوجية، ونفس الأمر بالنسبة للكيمياء والفيزياء.والتربية الإسلامية والأدب.....
    لنرجع إلى موضوعنا المتعلق بالنحو، وأسأل هل من الضروري تعريف المادة المدرسة أم الشروع مباشرة في التدريس من دون مساءلة ماهية المادة المدرسة ورهاناتها وطبيعة علاقتها ببقية المواد؟...
    في البداية كنتُ أكتب على السبورة المثال التالي: "
" استنشقتِ الوردةُ عليا.
       وأسأل : منْ يُعلل أن الجملة خاطئة ؟ وما هي الكلمة التي لم تؤد وظيفتها في الجملة ؟
كانت الأجوبة تقول" استنشق علي الوردة. وبالتالي الوردة ليست في مكانها....إذن موقع الورة في الجملة غير صحيح.تكون الإجابا نعم.وحين أسأل : ما سبب كون الوردة ليست فاعلا؟ هنا تظهر على التلاميذ علامات الاندهاش وكأني بهم شعروا بأن هناك مسارات لم يفكروا فيها أو بالأحرى تم نسيانها في زحمة تكالب المواد الدراسية عليهم.
كان الجواب يُبنى بالتدريج من خلال البحث في العلائق السببية بين كلمات الجملة، والبحث عن سبب أن الوردة لم تؤدّ وظيفتها في الجملة.
استنشق فعل للعاقل، وما دام الفاعل هو الذي يقوم بالفعل، إذن من شرط قيامه بالفعل في الجملة، لابد أن يكون الفاعل عاقلا ليقوم بفعل عاقل هو الاستنشاف.والوردة ليست كائنا عاقلا، وهي التي سيقع عليها فعل الفاعل، ومن ثمة فهي مفعول به أي ما يقع عليه فعل الفاعل.
إذن علم النحو هو بكل بساطة "علم يبحث عن وظيفة الكلمة داخل الجملة" وهذه الوظائف تقتضيها ضرورات ثقافية وأخرى منطقية تعاقد عليها مجتمع لساني وأصبحت قواعدا تٌنظّم، ليس فقط التواصل، بل أيضا طريقة التفكير من خلال نظم قواعد اللسان بطريقة يتحقق من خلالها التواصل داخل نفس الجماعة.وهنا أتساءل، من منّا يقوم بمراجعة قواعد النحو العربي كما نطالع الكتب الثقافية، من أجل الحفاظ على علاقتنا بمختلف قواعد اللغة العربية وصرفها لحظة التفكير والتواصل والإبداع، بدليل تكرار العديد من الأخطاء والتي تؤثر في كثير من الأحيان على المعنى بسبب اختلال في المبنى.هل يجوز الكتابة بلسان مع جهل بقواعده؟
أما علم الصرف،فهو البحث عن " بينة الكلمة داخل الجملة"، وما يطرأ عليها من إبدال وإعلال....والقصة معروفة.
رابط كتاب جامع الدروس العربية.للشيخ مصطفى الغلاييني

شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: