الحداثة المؤجلة ! لماذا ؟

التصنيف




الحداثة المؤجلة ! لماذا ؟
لنرمي حجرا...وليكن ما يكون. فشيئ أحسن من لاشيء.



هنا طوكيو




    كيف نفسر أن الحداثة في المجتمع المغربي تنتعش في الخطاب الأكاديمي وتغيب في الواقع، إن كانت الحداثة في النهاية طريقة في التفكير بما تقتضيه تحديثات في الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي؟ أي تفكير يتجلى في الممارسة ومختلف مناحي الحياة. كيف نفسر التوازي الوجودي بين التقليدانية والحداثة في المجتمع المغربي إلى حدّ التنافر والتنابذ، وبين الحداثة في اليابان ، مثلا،الذي تجاذبت فيه الحداثة مع أعرق التقاليد بما فيها التي ينعتها البعض بالأسطورية؟ كيف نفسر هذه الحلقة التوافقية لدي اليبانيين والصينيين مثلا، والغائبة لدينا في المجتمع المغربي؟ كيف نفسر التضخم في مظاهر الحداثة الشكلية مع تخلف في القدرة الفكرية المتناسبة والمتساوقة مع مظاهر يبدو أنها من إنتاجات الحداثة ولكنها مُستوردة(فكريا وماديا) وليست نتيجة صيرورة ذاتية تفاعلت مع باقي الحضارات لكنها أبدعت كما أبدع الآخرون؟ هل لازلنا كما قال مهدي عامل لم نتخلص من" البنية الكولونيالية" التي خلقت في تفكرينا وممارساتنا " إزدواجية وجودية تنافرية"، لا نحن انتقلنا إلى المرحلة الرأسمالية التي استنبتها الاستعمار الفرنسي مشوهة في المجتمع المغربي، ولا نحن حافظنا على علاقة نقدية وطبيعية مع ثراثنا، فكان وجودنا بمثابة "مسخ" تتجاذبه مختلف التناقضات، وكان سي محمد جسوس يميل إلى تفسير الوضع الهجين لواقعنا بالوضع المفكك، وبالتالي كان يفضل الحديث عن " نظرية التفكك" وليس فقط "نظرية التخلف" أو " نظرية التأخر"  Retard  كنظريات تسعى إلى تحليل وفهم طبيعة المعوقات الكابحة للتقدم والتطور بالمعنى الحداثي.
   وأتسائل ضمن هذا السياق، هل الحداثة موضوع للتأريخ والتأمل والبحث وإنتاج الخطابات، بالرغم من أهميتها، لكنها تبقى من دون جدوى،إذا لم تتحول فعليا إلى مشروع اجتماعي واقعي اقتصاديا ( تكنولوجيا) وسياسيا ( الديمقراطية) واجتماعيا ( عقلنة العلاقة الجدلية بين الفكر والممارسة في الحياة الاجتماعية)...أقول ما أنتجه المفكرون الأكاديميون المغاربة من خطابات حول الحداثة، وهو منقول ومنسوخ من التجربة الأوروبية تحديدا كنموذج حضاري،أقول ما كتبه المفكرون  المغاربة لسنين طويلة ويبدو أنه سيستمر بنفس اللغط القولي حول الحداثة، ترجمه اليابانيون والصينيون في بضع سنين بعد الحرب الأوروبية الأسيوية الأمريكية الثانية إلى أرض الواقع ،ونتذكر الكتاب الذي صدر في السبعينات (1973) من القرن الماضي

Quand la Chine s'éveillera… le monde tremblera






والسؤال اللامفكرفيه، من الموكول له إنزال الحداثة وأنواعها إن صح الحديث عن حداثات،إلى أرض الواقع إن اقتنعنا أن الحداثة ليست خطابا بل ممارسة تنتظم وتنتعش في الواقع الاجتماعي للناس الذي تسعى الحداثة إلى  الارتقاء به فكريا واقتصاديا وسياسيا؟ متى نتخلص من آفة كوننا، كما ينعتنا خصومنا ، حضارة " كلام" متقدمون في الكلام ومتأخرون في الممارسة الاجتماعية والواقعية.حتى في ثوراتنا، نتقن " الثورة بالكلام على الكلام"!!!!
   ألم يحن الوقت لبناء مطلب الحداثة وتأسيسها واقعيا بدء من المؤسسات التعليمية التي من المفروض أن تتماشى مناهحها وبرامجها وغاياتها مع مطلب الحداثة؟ وهل بالفعل تمّ تكوين أطرا بشرية برهان تحقيق الحداثة على مستوى التكوين والإدماج؟ ما الذي يمنع الأحزاب السياسية المقتنعة بمطلب الحداثة أن تعمل ،إن كانت الحداثة جزء من تقاريرها الإيديولوجية، على البدء في التوعية والتأطير، قاعديا ، بدء من الدرب والحي والقرية والمدينة، من خلال فتح مقراتها والبدء في التوعية والتكوين في حدود ما تسمح به درجات تحقق الحداثة؟ أليس مطلوب من المجتمع المدني هو الآخر المقتنع بالحداثة البدء في التوعية الحداثية كمرحلة ضرورية للوعي بأهمية الحداثة وكما نظّر لها الباحثون الآكاديميون....ومن ثمة يتم تقديم مشاريع للمؤسسات المسؤولة عن التشريع والتنفيذ في أفق التحقيق التدريجي لمطلب الحداثة؟



ما لم ننتقل من حداثة الخطابات والتفسيرات والتأريخ،إلى حداثة القرب في مختلف ربوع الوطن، وتتحول إلى مشاريع تطرح على الجهات المسؤولة على تدبير السياسات الاجتماعية والاقتصادية... سنبقى نجتر الحداثة كإشكال مفهومي وليس رهانا حضاريا.. قابلا للتطبيق والمطلوب التفكير في شروط تحقيقه من كل الجهات المسؤولة عن تدبير الشأن العام للوطن المغربي."




شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: