مدرس مادة الفلسفة والمتون الفلسفية.





مدرس مادة الفلسفة والمتون الفلسفية.


من الموضوعات المسكوت عنها قضية طبيعة المعارف الفلسفية الموظفة في الدرس الفلسفي بالثانوي التأهيلي.بحيث أصبح من المطلوب التفكير في مدى التوظيف الموضوعي والمُنصف لمواقف مختلف الفلاسفة وعلماء الإنسان من الإشكالات التي يطرحها المقرر الدراسي من دون الافتراء على الفلاسفة، طبعا عن غير قصد، علما أن التعامل مع نسق فلسفي من خلال نص مُجتزأ من متن فلسفي متماسك، يتطلب جهدا فكريا وقراءة متأنية للنص ضمن متنه وسياقه والتحقق المعرفي والبيداغوجي من مدى إمكانية تحقق الرهان من استحضار هذا الفيلسوف أوذاك. وأتساءل هل في إمكان مدرس مادة الفلسفة بالتعليم الثانوي أن يتوفر على جميع المصادر الفلسفية لكل الفلاسفة وبقية المفكرين المقترحين في المقرر الدراسي بسنواته الثلاث أو على الأقل بالمراجع الكافية كحد أدنى؟ كيف يفهم مدرس مادة الفلسفة ويُوظف نصا للإجابة على إشكال من دون الرجوع إلى المتن الأصلي لفهم، أولا سياق النص ،وثانيا هل المقرر الدراسي كان أمينا قي تقطيع النص، وهل الترجمة سليمة وهل هناك ترجمات أخرى تسمح بالمقارنة واختيار الترجمة الأجود...؟وحتى لو اختار المدرس نصوصا أخرى ، من أين سيستقيها وهل يتوفق في اختيارها الوظيفي...؟ وهل الإعتماد على المراجع المفسرة والشارحة وكتب تاريخ الفلسفة والفلاسفة ومقالات الدوريات...كافية لتقريب موقف الفيلسوف من إشكالات المقرر الدراسي؟ وهل لمدرس مادة الفلسفة ،على افتراض توفر المصادر والمراجع، الوقت الكافي للإطلاع عليها من أجل تيسير فهم المتعلمين لأطروحة فيلسوف بخصوص قضية محددة؟ في التعليم الجامعي يشتغل المدرس والطلبة على فيلسوف أو فيلسوفين طيلة السنة من خلال أحد متونهما الفلسفية، وفي التعليم الثانوي التأهيلي يشتغل مدرس مادة الفلسفة على عشرات من الفلاسفة دفعة واحدة، ومما يعقد الأمور، تجد الفيلسوف الواحد يحضر في مجزوءتين أو أكثر وبقبعات مختلفة وسياقات مختلفة، وفي حالة عدم الإلمام بالمتن يمكن أن ننسب للفيلسوف ما لم يقله، وسبق لي أن ناقشت الإفتراء الذي تعرض له كل من بليز باسكال وديكارت ولوك وسارتر...سواء من منطلق سوء تقطيع نصوصهم أو من منطلق السقوط في مشكلة " الكليشيهات الفلسفية " التي تلصق بالفلاسفة، من قبيل هذا عقلاني وهذا تجريبي وهذا روحاني وهذا مادي..وكأن الفلسفة قبائل تتناحر بالكليشهات، زد على ذلك صعوبة موضوعية تتمثل في اختلاف تأويل مواقف الفلاسفة والانتقادات الموجهة إليهم ، ناهيك عن الاصطدام بغموض وصعوبة المتن الفلسفي ذاته مثل المتن " الأفلاطوني " المتعدد الطبوغرافية الفلسفية "والمتن "الهيدجري " الموغل في إشكال الوجود " الدايزيني".وأذكر في أواسط السبعينات طلبنا من الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي، بعد الانتهاء من مبحث الوجود عند ديكارت وهيجل أن ننفتح على مبحث الوجود عند هيدجر، وتحفظ الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي أن يقارب هيدجر وكان تبريره أن فلسفة هيدجر تحتاج إلى صبر وأنات وقد تداركنا الوقت، بينما كان الأستاذ عبد الرزاق الدواي بصدد مقاربة مبحث الوجود عند هيدجر. وفضل الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي الاشتغال على نص هيدجري غاية في الأهمية حول مفهوم الدازين....وحاليا تذكرت عنوانا لمقالة الأستاذ موسى وهبة " هل يمكن أن تُقال الهيدجرية بلغة العرب وكيف يمكن لقولها أن يكون؟ بينما في إحدى النصوص الأساسية لهيدجر تحضر في المقرر الدراسي ضمن مفهوم الغير وأتساءل هل يكفي تدريس هذا النص كما ندرس " نصوص المطالعة" في الثانوي الإعدادي؟
فإذا كان مدرس مادة الفلسفة يواجه فيضا من نصوص فلسفية ضمن سقف زمني للإنجاز محدد أفقه الامتحان الوطني...فهل لديه الوقت مع التدرج الزمني في التدريس أن يضبط الجغرافية الفلسفة منذ طاليس حتى ميشال أونفراي مرورا بلحظة الفلسفة الإسلامية والأسيوية البوذية والكونفوشيوسية وكل التمرحل الفلسفي الغربي بأنكلوسكسونه؟
السؤال، لو قمنا بتجربة افتراضية، وقلبنا الأدوار، وطلبنا من مدرس فلسفة جامعي أن يدرّس مادة الفلسفة بالثانوي التأهيلي، كيف سيواجه موجات من النصوص الفلسفية، تختزن ثراثا فلسفيا وإشكالات لا متناهية مطلوب منه تدريسها لتلامذة مراهقين حائرين بين تملك الفلسفي برهان التمهير في كتابة إنشاء فلسفي بشروط الامتحان الإشهادي؟ ؟ بين التفلسف والفلسفة كزاد معرفي ومنهجي في فهم الذات والآخر والعالم ، وكل ما يرتبط بوجوده الفردي والاجتماعي في الحياة اليومية. أما الفلسفة في بعدها التأملي الخالص فهذا موضوع آخر.....



شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: