الجهوية الفلسفية وعوائق التفلسف.

التصنيف




الجهوية الفلسفية وعوائق التفلسف.


لماذا يبحث المتعلم في مادة الفلسفة عن ما قاله الفلاسفة عن الطبيعة والثقافة والإنسان والفاعلية والإبداع والوضع البشري...، ولم يسأل نفسه كيف يفهم ذاته فيما يقوله الفلاسفة عن الإنسان في مختلف تجلياته الوجودية المتعددة الأبعاد ومنها أيضا السياسي والاخلاقي؟ لماذا يُنحي ذاته عن التفاعل مع قضايا الدرس الفلسفي، ويهتم بمواقف الغير ويبرع في استعراضها وحفظها وترديدها، لكنه يجد صعوبة في تمثلها كفاعل وليس كمنفعل، أي يستدمج الموجود الفلسفي عقليا مثلما يتغذى الجسم من مختلف المأكولات ويستفيد منها في نموه، بينما يبدو أن عقل المتعلم لا ينمو ويتطور تفلسفيا وهو يتلقى المعارف ومختلف الإشكالات المتعلقة بوجوده وشروط انوجاده كموجود؟  كيف نفسر هذا الغياب لفعل التفلسف لدى المتعلم ، أي التباعد عن المواقف الفلسفية واختبار مدى قدرته التعلّمية على إعمال عقله في موضوعات جديدة من الواقع اليومي المتجدد والمفتوح على كل الممكنات؟لماذا لا تظهر على أغلب المتعلمين الحاليين قدر بسيط من القدرة على الاستفادة من الموجود الفلسفي على مستوى المفاهيم  والقدرة على الأشكلة والنقد والمساءلة والمناظرة الحجاجية؟  هل كان  المتعلم يجهل بأنه شخص واع بذاته ومسؤول عن أفعاله، ووجوده الذاتي والاجتماعي، رهين بطبيعة علاقاته مع الآخرين والطبيعة  ليكتشف هذه الحقيقة فجأة وهو في رحاب الفلسفة ؟لماذا تعطّلت لديه الفاعلية والإبداع وتحولت إلى مجرد أنماط من المواقف والمعارف تُملى عليه كواردات مطلوب منه  أن يُصدّرها كما تلقلها من دون ممارسة حقه في تقييمها والاستفادة منها واستثمارها في حياته الفكرية والحياتية، على مستوى الفكر والممارسة؟لماذا لم تُسعفه موضوعات أدوات التفلسف ومميزات التفكير الفلسفي ولماذا التفلسف...في ترجمة أو أجرأة هذه الأدوات الفلسفية في الممارسة الفكرية والسلوكية، ولو في حدود دنيا، وشيئ أحسن من لاشيء كما يقال ؟


هنا يُطرح الإشكال : بأي مستوى فكري وسلوكي يصل المتعلم إلى عتبة الفلسفة؟ بمعنى آخر ما طبيعة المخزون الثقافي للمتعلم والذي من خلاله سيواجه مختلف قضايا وإشكالات مادة الفلسفة؟ وهل هذا المخزون الثقافي موحد بين المتعلمين المغاربة أم هناك مستويات مختلفة من الأنماط الثقافية والطبقية والمجالية ...للمتعلمين، السؤال، هل يجوز أمام التنوع الثقافي والطبقي والمجال الطبيعي البيئي...أن يدرّس المتعلمون نفس البرنامج الدراسي الفلسفي؟ وهل من الممكن الحديث عن " جهوية فلسفية" تٌراعي اختلاف المستوى الفكري والاجتماعي للمتعلمين من دون أن تؤثر هذه الجهوية على الرهان من تعليم الفلسفة؟
ولكن هذه الجهوية الفلسفية تطرح مشكلة التكوين على المستوى البيداغوجي والديداكتيكي والتقويمي. كما تطرح مشكلة وحدة المنهاج والكتاب المدرسي...







شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: