هل يجوز أن فيلسوفا لا يفهم فلاسفة سبقوه أو معاصرون له ؟
" ليست الفلسفة حوارا.أعطوني مثالا واحد عن حوار فلسفي ناجح لم يكن مجرد
سوء تفاهم شديد. الأمر صحيح كذلك في الحالات الأكثر شهرة : أرسطو لم يفهم أفلاطون
بشكل صحيح،هيجل الذي لعله كان سعيدا حقيقة لم يفهم كانط بالطبع، وهيدجر أساسا لم
يفهم أحدا على الإطلاق،إذن لا حوار." سلافوي جيجيك. الفلسفة في الحاضر ص 54.53
أقول هذا التشخيص صحيح بشكل كبير، ويمكن الاستشهاد مثلا بسوء فهم أفلاطون
لرهان الحركة السوفسطائية في مجتمع قيد التشكل سياسيا وحاجته إلى آلية حجاجية جديدة مرتبطة بالمرحلة الانتقالية، سوء فهم قصدي لدواعي سياسية، بالرغم من أن بعض كتابات
أفلاطون وخاصة الجمهورية لا تخلو من أساليب السوفسطائية في الحجاج.
وفي الزمن المعاصر أبلغ مثال على سوء الفهم بين المفكرين هو ما حصل بين فوكو وسارتر، المختلفين في المرجعية والمنهجية والمفاهيم والرهان من فلسفتهما، سوء فهمهما لبعضهما البعض أو اختلاف في تمثل بعض القضايا والإشكالات الفلسفية ، كان الخلاف / الصراع حول مبررات البنيوية والنزعة الإنسانية والموقف من التاريخ. قال فوكو عن سارتر بطريقة باعثة على الاستغراب :" إن سارتر يملك عملا أدبيا وفلسفيا وسياسيا بالغ الأهمية لازال قيد الإنجاز وهذا لا يترك له الوقت لقراءة كتابي " الكلمات والأشياء"، ولهذا فإن ما يقوله عنه يبدو غير ذي علاقة به، وأعترف بأنني كنت عضوا بالحزب الشيوعي في الماضي.آه! لبضعة أشهر أو أكثر بقليل.وأعرف أننا كنا نصنف سارتر يومها على أنه آخر متراس تقيمه الإمبريالية البرجوازية....وأنني اليوم ألقى مجددا وباستغراب باعث على الضحك، نفس الجملة صادرة من سارتر بعد خمسة عشر سنة، وهو بذلك يرد إلينا بضاعتنا.." ( بيت الحكمة .العدد الأول .1986.الصفحة22). وكان ردّ فوكو أعلاه على قول سارتر :" إن فوكو يهدف ، بالطبع ، من خلال هجومه على التاريخ إلى الهجوم على الماركسية.والمطلوب هو تشكيل إيديولوجية جديدة، تكون بمثابة السد الأخير الذي لازال بمستطاع البرجوازية إقامته في وجه ماركس.لقد كان الإيديولوجيون البرجواويون يطعنون في الماضي في النظرية الماركسية عن التاريخ باسم نظرية أخرى.." ( نفس المرجع. ص 11) وهذا الحكم هو ما رفضه فوكو من خلال ردّة فعله أعلاه لك فوكو يقول هذا بالرغم من أنه يعترف بأن سارتر من بين الفلاسفة الذين أثروا فيه.يقول فوكو:"إني أنتمي إلى جيل من الناس كان أفق تفكيرهم محددا من طرف هوسيرل على وجه العموم ،وسارتر بشكل خاص وميرلوبونتي أخص.."؛ نفس المرجع ص 23.) لكن ،أن يتهم مفكر مفكرا آخر بإصدار أحكام دون الإطلاع أقبح وأفدح من سوء الفهم بعد الإطلاع.
وفي الزمن المعاصر أبلغ مثال على سوء الفهم بين المفكرين هو ما حصل بين فوكو وسارتر، المختلفين في المرجعية والمنهجية والمفاهيم والرهان من فلسفتهما، سوء فهمهما لبعضهما البعض أو اختلاف في تمثل بعض القضايا والإشكالات الفلسفية ، كان الخلاف / الصراع حول مبررات البنيوية والنزعة الإنسانية والموقف من التاريخ. قال فوكو عن سارتر بطريقة باعثة على الاستغراب :" إن سارتر يملك عملا أدبيا وفلسفيا وسياسيا بالغ الأهمية لازال قيد الإنجاز وهذا لا يترك له الوقت لقراءة كتابي " الكلمات والأشياء"، ولهذا فإن ما يقوله عنه يبدو غير ذي علاقة به، وأعترف بأنني كنت عضوا بالحزب الشيوعي في الماضي.آه! لبضعة أشهر أو أكثر بقليل.وأعرف أننا كنا نصنف سارتر يومها على أنه آخر متراس تقيمه الإمبريالية البرجوازية....وأنني اليوم ألقى مجددا وباستغراب باعث على الضحك، نفس الجملة صادرة من سارتر بعد خمسة عشر سنة، وهو بذلك يرد إلينا بضاعتنا.." ( بيت الحكمة .العدد الأول .1986.الصفحة22). وكان ردّ فوكو أعلاه على قول سارتر :" إن فوكو يهدف ، بالطبع ، من خلال هجومه على التاريخ إلى الهجوم على الماركسية.والمطلوب هو تشكيل إيديولوجية جديدة، تكون بمثابة السد الأخير الذي لازال بمستطاع البرجوازية إقامته في وجه ماركس.لقد كان الإيديولوجيون البرجواويون يطعنون في الماضي في النظرية الماركسية عن التاريخ باسم نظرية أخرى.." ( نفس المرجع. ص 11) وهذا الحكم هو ما رفضه فوكو من خلال ردّة فعله أعلاه لك فوكو يقول هذا بالرغم من أنه يعترف بأن سارتر من بين الفلاسفة الذين أثروا فيه.يقول فوكو:"إني أنتمي إلى جيل من الناس كان أفق تفكيرهم محددا من طرف هوسيرل على وجه العموم ،وسارتر بشكل خاص وميرلوبونتي أخص.."؛ نفس المرجع ص 23.) لكن ،أن يتهم مفكر مفكرا آخر بإصدار أحكام دون الإطلاع أقبح وأفدح من سوء الفهم بعد الإطلاع.
السؤال من منهما لا يفهم الآخر بالرغم من
أنهما يتحاورنا من نفس الإبستيمي للقرن العشرين ،وفي المجال الأوروبي وهما
متعاصران، واختلافهما الفكري لم يمنعهما من التوافق سياسيا ضد القمع واضطهاد
الطلبة في سنة 1968.
لكن لا يتعلق الأمر بسوء الفهم بين الفلاسفة، بل يمتد "جهلهم" إلى
مجالات بعيدة عن اختصاصهم. يقول فوكو: ..تعلم أن هناك جهلا كبيرا لدى الفلاسفة،
عامة،بحقول البحث البعيدة عن اختصاصهم .( نفس المرجع .ص 22)
وهذا ما يفسر ظاهرة إضافة تقديم للطبعات الجديدة من نفس المؤلف الفلسفي،يشرح
فيه الكاتب ما التبس لدى النقاد من مختلف القبائل الفلسفية.وأتذكر ما أثاره المفكر
المغربي محمد المصباحي في إحدى محاضراته ( شريط صوتي مسجل) حول محدودية المقاربة
الفلسفية الرباطية (دينة الرباط )( الجابري، عبد السلام بنعبد العالي، سالم يفوت..)في فهم النصوص
التراثية بسبب قراءتها الإيديولوجية للنصوص، لهذا بشّر المفكر محمد المصباحي
بالفلسفة الفاسية (مدينة فاس ) والتي ستكون بديلة لفلسفة الرباط، بحيث ستعيد قراءة النصوص
التراثية بمقاربات موضوعية مغايرة للقراءة الرباطية!!!!!. ولكن يبدو أن المفكر محمد
المصباحي عدل عن هذه الفكرة ، وبالفعل التفكير بعقلية " الفرقة الناجية" أي أنا على صواب وغيري على ضلال لا تتناسب مع مفكر كبير يشهد له بالكفاءة الفلسفية والمنهجية.ومن
الصعب اتهام مفكر كبير من طينة الجابري بسوء قراءة ابن رشد وغيره من الفلاسفة العرب كونها قراءة إيديولوجية، وهي ذات التهمة حول البرنامج الفلسفي المدرسي الذي ساهم في إنجازه الجابري والعمري ةمحمد السطاتي في السبعينات.
لهذا المشكل عدة أوجه أخرى أيضا ، لا تتعلق بالمفكرين
المشهورين بل أيضا بالباحثين والمدرسين والطلاب،من بين هذه الأوجه "
الانتقائية الفلسفية"، بمعنى لا تنصب القراءة إلا على المشاهير من الفلاسفة،
وأتساءل عن ما مقياس الشهرة؟ بدليل أن عددا من الباحثين لا يكلّون من الاشتشهاد تحديدا وبشكل
تكراري وفي كل أبحاثهم بهيدجر وهوسيرل ونيتشه وفرويد ودريدا.. في الوقت الذي تقتضي
الإشكالات التي يناقشونها الاستشهاد بكارل بوبر أو لوسيان غولدمان أو كارل مانهيام
أو ألتوسير أو باسكال او كيركوكارد...ونفس المشكل في تاريخ الفلسفة العربية حيث معروفة الأسماء
الرائجة المعدودة على رؤوس الأصابع..
0 التعليقات:
more_vert