تفاعلا مع الأستاذ شفيق أكريكر حول السؤال المفتوح.

التصنيف
التصنيف




1- تفاعلا مع الأستاذ شفيق أكريكر حول السؤال المفتوح.
                                       2- تفاعلا مع بعض التجارب التدريسية لمفهوم النظرية والتجربة.


موضوعان أثار في المساءلة.الأول متعلق بإشكال تحليل السؤال المفتوح،والثاني متعلق بأشكال مفهوم النظرية والتجربة وما رهانه وما مبرر الانتقال من مجزوءة الوضع البشري إلى مجزوءة المعرفة العلمية بالواقع الفيزيائي في صغره اللامتناهي وفي ظواهره الكونية بالخصوص،وما طبيعة العلاقة بين مفهوم النظرية والتجربة وإشكالية العلمية في العلوم الانسانية.أما بخصوص إشكال تحليل السؤال المفتوح والذي أعاد إثارته الاستاذ والباحث والمشرف التربوي سي شفيق أكريكر ،فقد طرح جملة أسئلة غاية في الاهمية وخاصة في نهاية مقاله المنشور بأحد الجرائد الوطنية.
ربما ليس من حقي مناقشة هذا الموضوع بحكم أني لم أعد ممارسا قرابة أربع سنوات خلت وليس لدي علم بالمستجدات وحتى لا تبدو ملاحظاتي متجاوزة عزفت عن المساهمة في النقاش في صفحة الاستاذ سي شفيق أكريكر،ظنا مني أن فضاء الرد محدود ولا يسمح بالتفصيل في كل أبعاد ما المطلوب من المدرس والمتعلمين من كتابة إنشاء فلسفي ؟ومع ذلك سأتطفل كصديق للفلسفة لإبداء بعض الملاحظات المختصرة حول الموضوعين، وأبدأ بموضوع مفهوم النظرية والتجربة كمساهمة متواضعة إلى جانب مساهمات أخرى حاولت إغناء النقاش حول رهانات مفهوم النظرية والتجربة.وسأركز على أساس رهان مفهوم النظرية والتجربة،وبالطبع هناك قراءات أخرى أحترمها.
أولا ،ما  الاشكال الرئيسي لمفهوم النظرية والتجربة؟ وهل يجوز طرح إشكال من قبيل : هل تتأسس النظرية على التجربة أم العقل؟ أم النظرية هي حوار بين العقل والتجربة؟ في نظري هذا إشكال تعسفي يترتب عنه ميكانيكيا سرد أطروحات ثالثة مزعومة قد تدعي انبناءها على الجدلية الهيجلية مع العلم لا وجود لصراع حول الزعلمة المنهجية بين التجرية والعقل.في نظري القضية غير ذلك.لان الاشكال الثاوي في مفهوم النظرية والتجربة هو أية نظرية لاي واقع؟ ومن ثمة لكل واقع علمي تفسيره العلمي من خلال طبيعة وجوده الفيزيائي وما يناسبه من فرضيات ومناهج ومفاهيم....(أقول الفيزيائي كنموذج من بين نماذج أخرى) ومن المفارقات والانزلاقات اعتقاد المتعلمين بوجود صراع بين التجريبيين (أو الاختباريين او الوضعيين أو الطبيعيين) وبين العقلانيين التطبيقيين حول من يملك نظرية علمية حقيقية حول الواقع العلمي!!!!!!.غير أننا أمام واقعين، الاول هو الواقع الماكروفيزيائي كما نظر إليه أرسطو وصولا إلى نيوتن وأبرزه بشكل جلي كلود بيرنار.والواقع الثاني هو الواقع الميكروفيزيائي وواقع العوالم الكونية(وهو من اهتمام الفيزياء النظرية ) ... وهذان الواقعان غير مرئين بالعين المجردة ولا تنطبق عليهما التجربة والتجريب كما في الواقع الماكروفيزيائي.إذا صح هذا التمييز فلكل واقع نظريته العلمية ولا يجب الخلط أو المفاضلة بين التجرية والعقل.لان هناك فرق بين نظرية علمية تتعامل مع واقع له خواص كما قال نيوتن مستقلة عن ذاتية العالم،ومطلوب منها تكميمه ونقل خصائصه كما هي، وكما قال كلود بيرنار أن يكون العالم مثل آلة تصوير...
يقول نيوتن:" المنهج الحق كما تعرفون لإدراك خواص الأشياء هو استنباطها من الخبرات ، ولقد سبق أن قلت لكم بأنني لم أتوصل إلى نظرية الجاذبية عن طريق مخالفتها أو عدم اتفاقها مع النظريات الأخرى، بل استخلصتها من الخبرات استخلاصا وضعيا مباشرا.لذا فالكيفية الملائمة للتأكد منها هي ملاحظة ما إذا كانت التجارب التي أقترحها تؤكدها فعليا." ( مأخوذ من كتاب " مفهوم الواقع في التفكير العلمي" لسالم يفوت. مطبوعات كلية الأداب بالرباط.ص 66 )...وبين واقع لا نراه بالعين المجردة وهو واقع كما قال جاستون باشلار واقع علائقي غير معطى يتم إنشاؤه وإبداعه علميا ولا يعطى في التجربة. يقول جاستون باشلار :" ليس العلم وصفا لما يظهر أمام الإدراك، بل هو إنشاء للظواهر الطبيعية وخلقها علميا. إن العلم يخلق موضوعاته ويركبها وليست تعطاه في الإدراك والخبرة الحسية المباشرة ، إذ بين هذه الأخيرة والتجربة العلمية توجد قطيعة وانشقاق. وعالم المعرفة الذي يخلقه العلم هو العالم الموضوعي الحقيقي، إنه زاخر بموضوعات غير موضوعات الوقع، لا يكون العالم محتاجا كي يبنيها وينشئها إلى انتظار ما تجود به الخبرة والواقع… إننا في العلم لا نكون محتاجين
إلى وصف الشيء و إبداء خواصه، بل إلى تحديد علاقاته ، فتصورات العلم وليدة العلاقات ، وأساسها الواقعي يكتسي موضوعيته بالرجوع إلى أساسها العلاقي وليست بالرجوع إلى أساسها الاختباري الأنطولوجي، وهذه هي واقعية العلم الحقيقة ، إن مفاهيم العلم بعيدة جدا عن الخبرة المباشرة .إن مضمون التصورات العلمية، إن جازت المجازفة ، مضمونا معرفيا وليس مضمونا شيئيا." ( نفس المرجع أعلاه .ص 113-112. والنص مأخوذ من كتاب الفكر العلمي الجديد)
هنا الفرق بين التجربة الحسية والتجربة العقلية،بين التجربة في المختبر والتجربة من خلال البناء الرياضي للذرة أو العوالم الكونية ، وهو الفرق بين الاستقراء التجريبي  والحتمية والتطابق لدى الاختباريين، والاستنباط الرياضي والاحتمال والقابلية للتكذيب لدى العقلانية التطبيقية(تاريخ العلم هو تاريخ الاخطاء ). ففي  النظريتين يشتغل العقل سواء بالتجربة المختبرية أو الصياغة الرياضية العقلية، والحوار بين العقل والتجربة تحصيل حاصل،.إذن لم يعد الاشكال متعلق ب "هل أساس النظرية التجربة أم العقل؟"بل طبيعة الواقع العلمي هي التي تحدد طبيعة النظرية.بدليل أنه لا يمكن تجريب واقع  الذرة في المختبر أو القيام بتجربة ظاهرة  كسوف الشمس في المختبر وتكرار التجربة.حقيقة الذرة غير معطاة وعلى العالم أن يبنيها رياضيا من خلال طبيعة العلاقة بين نواة الذرة والالكترونات،وهل انتقال الالكترون من مدار إلى آخر يتم بشكل منصل أو عن طريق قفزة...؟
 السؤال المسكوت عنه، في ظل واقع مغربي لا يولي أهمية للتفكير العلمي مقارنة مع التفكير الديني والسياسي، ما مدى استفادة التلميذ من قضايا علمية  في حياته اليومية بعد امتلاكه لمجموعة معارف علمية؟ يبدو من النقاش حول النظرية والتجربة، والأصح المعرفة العلمية بين التجربة والعقل، أن لكل موضوع أو ظاهرة شروط معرفتها على مستوى الفرضية والمنهج والمفاهيم والغاية، ولا يجب الخلط في طلب المعرفة  بين مختلف الحقول.أعتقد هذا هو الدرس الأساسي من رهان مفهوم المعرفة العلمية بين التجربة والعقل. مثلا لا يجب الخلط بين المعرفة الدينة والمعرفة السياسية، على مستوى المنهح والمفاهيم والغايات. وكما يقال لكل مقال مقام وسياق وإشكال يحدد طبيعة ما ينتجه من معرفة. إذن الدرس متعلق بالمنهج العلمي ومقتضياته من خلال طبيعة الواقع موضوع ذاك المنهج والغاية التي يسعى إلى تحصيلها.والخلاصة النهائية هي الاستنتاج النهائي من معرفة الغير ومعرفة الظواهر الطبيعية وضمن أية حدود يمكن توظيف المنهج العلمي في معرفة الظواهر الانسانية .....وهل يسمح التسلح بالعلم لمواجهة التفاهة والهرافة والشعوذة.....
وهذا مدخل أساسي لمناقشة إشكال هل يجوز تطبيق المنهج العلمي سواء التجريبي من خلال الاستقراء  التجريبي أو الرياضي من خلال الاستنباط الرياضي، والتمييز بين تجربة حسية وتجربة فكر....هل يجوز ترحيل هذا المنهج إلى دراسة العلوم الإنسانية؟ مع العلم أن المنهجين السابقين طبقا على أشياء الطبيعة والعلوم الإنسانية تهتم بالظاهر الإنسانية؟
إن الرهان من مفهوم النظرية والتجربة وهو رهاني منهجي قد يمكن المتعلمين من الوعي القبلي بشروط ومقتضيات طبيعة الواقع والظواهر قيد المعرفة، والتمييز منهجيا في التقصي والبحث بين مختلف الحقول المعرفية.
ثانيا، بخصوص إشكال تحليل السؤال المفتوح، سأطرح بعض الملاحظات،وأسجل أهمية الأسئلة التي طرحها الأستاذ سي شفيق أكريكر في آخر مقاله، والتي تستحق أكثر من بحث نظرا لجرأتها الفلسفية في نقد ما هو كائن من تجربة الإنشاء الفلسفي.وكما يعلم الأستاذ سي شفيق كان  لنا جولات طويلة في منتدى الحجاج حول نفس الموضوع/ الإشكال.


1- هل المتعلمون أمام سؤال فلسفي مفتوح أم أمام سؤال بيداغوجي يوظف معطيات فلسفية مبنية بيداغوجيا وفق أطر مرجعية تحدد الرهانات العامة لنباء إنشاء فلسفي.



2- لاحظت من خلال مختلف التعقيبات السكوت عن مرجعيات الإنشاء الفلسفي، وأن جل المتدخلين يطرحون وجهات نظرتهم  وكأن الأمر متعلق بحق كل مدرس مادة الفلسفة أن يناقش مع تلامذته كيف يكتب إنشاء فلسفيا كما يتصوره المدرس، بل هناك معقب إعترف أنه يتجاهل الأطر المرجعية ويطرح لتلامذته تصوره الخاص لكتابة إنشاء فلسفي، وخاصة كيفية تحليل السؤال المفتوح، والأغلب من المعقبين يدعون أنهم يعتمدون الروح الفلسفية !!! ويتبرأون من الأطر المرجعية.والكل اتفق على رفض الأنماط الجاهزة لكتابة الإنشاء الفلسفي ، وما ينشر على النيت واليوتوب بحيث كل يلغي بلغاه. بل اكتشفت أن بعض التلاميذ في اليوتوب يدعون أنهم مدرسون ويفتون في تدريس الفلسفة وكيف الحصول على نقطة في الامتحان الوطني ممتازة تمكنه من النجاح!!!!!
3- لكن ما من أحد من المعقبين ناقش الأطر المرجعية المحددة لما هو المطلوب من الكتابة الفلسفية ، وكأن النقاش شخصي، وهذه مشكلة عويصة، بحيث لا يتم التمييز بين واجب الامتثال للأطر المرجعية للمؤسسة والمواقف الشخصية  التي أظهرت  تبايناتها وتناقضاتها ، الأمر الذي يطرح إشكال التصحيح ، وإشكال دليل التصحيح، بل طريقة صياغة الأسئلة نفسها وخاصة مختلف الصيغ الاستفاهية للسؤال المفتوح.
4- أتساء هل السؤال المفتوح يجسد كسؤال إشكالا، أم كما يقول هنري بينا رويز يجب أشكلة السؤال المفتوح،أي إعطاءه طابعا فلسفيا وتحويله من صيغته البيداغوجية الظاهرة والميسرة للمتعلمين الفهم العام والمسار الذي ينبغي أن تنبني عليه أشكلة السؤال. وهو نفس منحى بناء الدرس الفلسفى، أي أن مدرس الفلسفة يبدأ بناء درسه الفلسفي بالأسئلة البيداغوجية الموجهة لتفكير التلميذ نحو الصياغة الفلسفية للقضايا المعروضة للتحليل. فيكون السؤال البيداغوجي عاملا مساعدا على بناء الأسئلة الفلسفية، ومع الأسف عادة ما لا يهيئ مدرس الفلسفة الأسئلة البيداغوجية التي تُعتبر مدخلا أساسيا في صياغة الإشكال والأسئلة الفلسفية.
4- هل يمكن اعتماد الكتاب الكتاب الأبيض والتوجيهات التربوية كأرضية مشتركة بين جميع مدرسات ومدرسي الفلسفة في التعاقد مع التلاميذ على أساسيات بناء الخطاب الفلسفي، وعلى أرضيتها ومن خلال الهوامش المتاحة للمدرسين أن يبدعوا ويجتهدوا في دفع تلامذتهم كي يبدعوا من دون " الكفر " بالأطر المرجعية؟أعتقد أن الأطر المرجعية تسمح بهوامش كثيرة للإبداع ولكن على أرضية ثوابت الأطر المرجعية، وهذا من الناحية المهنية واجب أخلاقي سواء اتفقنا أو اختلفنا مع الأطر المرجعية.ومجال البحث الفلسفي هو المكان المناسب للنقاش والتقييم، وربما قد يكون مرجعا إن كان جديا في تغيير البرامج مستقبلا. المطلوب التعاقد على المبادئ من تدريس الفلسفة درسا وكتابة فلسفية أما التقنيات فأكيد ستكون تابعة للمبادئ.


متى ننتهي من مثل هذه الجرائم والمهازل البيداغوجية المنشورة في بعض الكتب التجارية


سبق لي أن نشرت عدة مقالات في مدونتي حول ما مدى استلهام الروح الفلسفية من التوجيهات التربوية في تحفيز التلميذ أثناء الكتابة الإنشائية، وهل تعاقدنا معهم على المطلوب من التوجيهات التربوية وقرأنا عليه فصولا منها
كتبت مثلا:


2-   ديباجة التوجيهات التربوية ص 6 وعلاقتها بروح الفلسفة.

  يجمع الباحثون في تدريس الفلسفة أن روح المنهاج يزاوج بين مقتضيات الفلسفة المعروفة، وبين مطلب المؤسسة من خلال بيداغوجيا الكفايات والمراهنة على ربط المؤسسة التعليمية بسوق الشغل ممزوجة بخلفية الفلسفة السياسية المدنية على مستوى المفاهيم والسلوك. السؤال كيف سيكون وضع التفكير الفلسفي في سياق بيداغوجيا الكفايات والمغلف من خلال الديباجة بروح الحداثة والفكر المدني والحقوقي في أفق ترجمتها فعليا في بناء الدرس الفلسفي؟نقرأء في ديباجة التوجيهات التربوية:" ...ممارسة التفكير النقدي الحر والمستقل والتشبع بقيم التسامح والمساواة والنزاهة والسلم والمواطنة والكونية.....تحمل المسؤولية تجاه الذات وتجاه الغير والجماعة....ومن الذاتية المنغلقة الإقصائية إلى التبادل والمشاركة والانفتاح القائم على الاحترام والتسامح والحوار والتواصل على أساس قيم الخير والحق والجمال.؟ص 6

   وتقرأ في مقدمة كتاب التلميذ : منار الفلسفة" كنموذج لكتاب التلميذ:"ترسيخ قيم ومبادئ حقوق الإنسان والتشبع بقيم التضامن والتسامح والإنصاف، واحترام حقوق المرأة والطفل وذوي الحاجات الخاصة وحماية البيئة،و الانفتاح على الحضارة الإنسانية بما تتضمنه من غنى وتنوع ثقافي؟

 لهذا أقترح تقييم الأطر المرجعية وتقديم اقتراحات بشأنها،ومدرسي مادة الفلسفة على أبواب تغيير أو تحيين المنهاج والبرنامج الفلسفي.وأتمنى أن يتم إشراك مدرسي الفلسفة بالثانوي أيضا  بدل الاقتصار على أكاديميين كثير منهم يجهل خصوصية تدريس الفلسفة بالثانوي التأهيلي ومنهم من لم يسبق له تدريس الفلسفة بالثانوي التأهيلي.
الكتاب الأبيض
الاختيارات والتوجهات التربوية العامة المعتمدة في مراجعة المناهج التربوية
الجزء
1
© لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي
ربيع الأول 1423 يونيو 2002
كلمة السيد وزير التربية الوطنية
تعتبر وزارة التربية الوطنية المناهج التربوية في آن واحد مرآة لمشروع المجتمع المغربي، ومحاولة لاستقراء الحاجات المستقبلية لهذا المجتمع من جميع الزوايا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبعلاقة مع الأبعاد المحلية والجهوية والوطنية والدولية لهوية مواطن اليوم والغد، المطالب بالتفاعل مع مختلف المتغيرات المجتمعية، ورفع التحديات التي تفرضها، داخلية كانت أم خارجية، على الأفراد وعلى مكونات المجتمع. بهذا المعنى، يتضح أن المناهج التربوية ليست مجرد تشكيلة من المواد الدراسية، بل استراتيجية تربوية وفرضية تدخل في إصلاح النظام التربوي. ولا شك أن مراجعة المناهج التربوية بهدف تحسين مواءمتها مع المنتظرات الملحة الحالية للمجتمع ليست كافية، لذا حرصنا على أن ترتكز هذه الاستراتيجية التربوية على أكبر قدر ممكن من المعطيات حول تطلعات المجتمع المغربي في كل المجالات، على الأقل خلال العشرية الحالية، وأن يعتمد على تعدد المتدخلين وتنوع مجالات تخصصهم واهتماماتهم لبلورتها، وعلى الاستشارة الواسعة لاختبار نتائج أشغال هؤلاء المتدخلين. حرصنا على هذا لتوفير ضمانات النجاح لهذه الاستراتيجية، رغم معرفتنا بما يحيط عادة استقراء الحاجات المستقبلية للمجتمع المغربي من اختلاف في الرأي وفي المرجعيات والمقاربات، وبالصعوبات التي يسببها عادة تعدد المتدخلين وتنوع مجالات تخصصهم واهتماماتهم، ومعرفتنا بما يمكن أن يحيط بمفهوم الاستشارة من لبس وسوء فهم.
وعلاوة على الصعوبات المرتبطة بتعدد المتدخلين، وتنوع مرجعياتهم الفكرية لقراءة دينامية النظام التربوي، واستيعاب مبادئها المنظمة، لا بد أن يصطدم مخططو المناهج التربوية بصعوبات موضوعية منها صعوبة حصر المتغيرات الداخلية والخارجية التي تتحكم في دينامية تطور المجتمع في مختلف المجالات، وصعوبة التنبؤ بكل ما يمكن أن يحدث من ظواهر مؤثرة على هذه المجالات، وصعوبة تغيير المناهج جملة وتفصيلا في أي وقت لأسباب لا تتحكم فيها وزارة التربية الوطنية وحدها.
وعندما يتعلق الأمر بثنائية الثابت والمتغير في القيم التي ينبغي أن تؤطر المناهج التربوية، غالبا ما تختلط بعض المرجعيات، التي فرضتها ظروف معينة في زمن معين من طرف مكونات مجتمعية أو هيآت معينة ، مع القيم المرجعية الوطنية الثابتة للمجتمع المغربي التي تسمح بتحديد الأولويات وترتيبها، وتؤطر بالتالي استقراءات حاجات المجتمع المستقبلية التي يلزم أن تنبني عليها المناهج التربوية.
وأمام هذه الصعوبات، كان لا بد  من اتخاذ احتياطات يمكن إجمالها، من جهة، في توسيع الإشراك إلى مختلف الهيئات التربوية وإلى فعاليات علمية وتكنولوجية وفنية واقتصادية من داخل نظام التربية والتكوين ومن خارجه بهدف اختبار المرجعيات النظرية، والمقاربات التربوية، ومنهجيات استقراء حاجات المجتمع المستقبلية، وتصورات الاستجابة لها من خلال المناهج التربوية، ثم من جهة أخرى، في عرض مشاريع المناهج التربوية الناتجة عن هذا الإشراك الموسع على متدخلين آخرين من الهيئات التربوية والمستفيدين من خدمات نظام التربية والتكوين، ومن المجتمع المدني وخاصة الشركاء التقليديين والمحتملين لمصالح وزارة التربية الوطنية والمؤسسات التعليمية بهدف اختبار جدواها وفعاليتها وواقعيتها وقابليتها للإنجاز.
انطلاقا من هذا التصور للمناهج التربوية في علاقتها بوظائف نظام التربية والتكوين وبدينامية المجتمع المغربي، ولما يحيط إعدادها أو مراجعتها من صعوبات وإكراهات، وللضمانات التي من شأنها أن تجعلها ثابتة الصلاحية ومستوفية لمختلف المجالات التربوية ومجالات المعرفة والتكنولوجيا ومستجيبة لمنتظرات القطاعين الاجتماعي والاقتصادي، ترى وزارة التربية الوطنية أن إمكانية التحكم في استمرار مواءمة المناهج التربوية الجديدة مع متطلبات المجتمع في مجال تكوين الرأسمال البشري تستوجب، من جهة، الإبقاء على مراجعة المناهج مفتوحة من خلال إخضاع تنفيذها للتتبع والتقييم بكيفية مستمرة، وإدخال التصحيحات اللازمة كلما دعت الضرورة إلى ذلك، ومن جهة ثانية، توخي اليقظة تجاه تطور المناهج التربوية للدول الشريكة، خاصة في مجال المعرفة والتكنولوجيا والمجالات موضوع الشراكة مع هذه الدول لأن أنظمتها التربوية أصبحت عبارة عن شبكة أنظمة منفتحة بعضها على بعض، ودائمة التفاعل فيما بينها.
وإذا كانت المناهج التربوية بلورة لاستراتيجية تربوية للوزارة، فإنها مجرد فرضية للتدخل في الإصلاح التربوي تحتاج إلى إجراءات ممهدة وأخرى مساعدة في مجالات استكمال تكوين الأطر التربوية في الخدمة، والتكوين الأساسي للأطر التربوية الجديدة، وتجهيز المؤسسات بالوسائل التعليمية والديداكتيكية اللازمة، وتحتاج بالأساس إلى تعبئة المدرسين والمفتشين وأطر التوجيه التربوي وانخراطهم في الإصلاح، وإلى تجنيد أطر الإدارة التربية للمؤسسات التعليمية.
عبد الله ساعف
عناصر من فلسفة التربية المعتمدة
أعضاء لجنة الاختيارات والتوجهات التربوية: 48 عضوا
احمد الريسوني.. احمد السطاتي.. احمد بوكوس.. امحمد ساكو.. امينة لمريني الوهابي.. حسن أمزيل.. الحسين سحبان.. حماني أقفلي.. حورية بنيس.. خلا السعيدي.. رضا احمد الشامي.. سعاد الكرافس.. سليم رضوان.. الطيب الشكيلي.. الطيب بناني.. عبد الرحيم السجلماسي.. عبد الرحيم الهاروشي.. عبد السلام الشدادي .. عبد القادر سرسي.. عبد الكبير الخطيبي.. عبد اللطيف بنشريفة.. عبد اللطيف حرتوت.. عبد اللطيف كمال.. عبد الوهاب بنعجيبة.. عثمان بنجلون.. العربي المساري.. عمر بن بادا.. كريم الزاز.. لحسن مادي.. مبارك ربيع.. محمد أمين النزاري.. محمد ابريك.. محمد الرزكي.. محمد الطوزي.. محمد القاسمي.. محمد الناصري.. محمد برحيل.. محمد بنيس.. محمد جسوس.. محمد شبعة.. محمد عباد.. محمد علال سيناصر.. محمد يسف.. محمود بالحسين.. المختار عنقا الادريسي.. منير عبد الحق.. نور الدين الصايل.. نور الدين العوفي.
الوثيقة الإطار للاختيارات والتوجهات التربوية
تقديــــم
استحضرت اللجنة المكلفة بإعداد الوثيقة المحددة للاختيارات والتوجهات التربوية في مجال مراجعة المناهج التربوية وبرامج تكوين الأطر جملة من المقدمات الكبرى التي وجهت عملها، وعينت الخلفية المرجعية الناظمة لكيفيات إنشائها وبنائها للمعطيات المتضمنة في هذه الوثيقة. ومن أبرز هذه المقدمات نشير بإيجاز إلى ما يلي: (1) تثمين أعضاء اللجنة للجهود الإصلاحية السابقة في هذا المجال، حيث يشكل مشروع الإصلاحات المرتقبة في البرامج والمناهج التربوية لبنة جديدة تضاف إلى مسلسل إصلاح وتطوير المجال التربوي في بلادنا؛ (2) الانطلاق من كون عمليات الإصلاح المنتظرة في مجال المناهج التربوية تكون أكثر فاعلية وأكثر نجاعة، عندما تعبر عن مقومات الذات التاريخية والحضارية، بمختلف ثوابتها ومتغيراتها، وتستوعب في الآن نفسه وبصورة تركيبية مبدعة مكاسب الحضارة المعاصرة؛ (3) الإيمان بمبدإ التغيير البيداغوجي المتدرج باعتباره الوسيلة الأنسب للتغلب على مختلف القضايا التربوية السائدة في نظامنا التربوي؛ (4) الاستجابة لمتطلبات المجتمع المعبر عنها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، حيث شكلت النواظم الفكرية البيداغوجية والاختيارات التربوية دور الموجه المساعد على رسم الخطوط العريضة لمحاور ومعطيات هذه الوثيقة؛ (5) بناء تصورات وتوجهات عامة محددة لاختيار بيداغوجي، يرى ضرورة إصلاح مختلف أشكال الخلل الحاصلة في مستوى المناهج التربوية بوسائل وأساليب قريبة من ممكنات الفعل البيداغوجي المجدد والمتجدد، وذلك انطلاقا من رصيد التجربة التربوية المغربية منذ الاستقلال إلى اليوم.
وقد ترتب عن المبادئ والمقدمات آنفة الذكر الاختيارات والتوجهات الكبرى الواردة في هذه الوثيقة.
الاختيـارات والتوجهات التربويـة العامة
اعتبارا للفلسفة التربوية المتضمنة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإن الاختيارات التربوية الموجهة لمراجعة مناهج التربية والتكوين المغربية، تنطلق من:
§    العلاقة التفاعلية بين المدرسة والمجتمـع، باعتبار المدرسة محركا أساسيا للتقدم الاجتماعي وعاملا من عوامل الإنماء البشري المندمج؛
§    وضـوح الأهداف والمرامي البعيدة من مراجعة مناهج التربية والتكوين، والتي تتجلى أساسا في:
-  المساهمة في تكوين شخصية مستقلة ومتوازنة ومتفتحة للمتعلم المغربي، تقوم على معرفة دينه وذاته، ولغته وتاريخ وطنه وتطورات مجتمعه؛
-  إعداد المتعلم المغربي لتمثل واستيعاب إنتاجات الفكر الإنساني في مختلف تمظهراته ومستوياته، ولفهـم تحولات الحضارات الإنسانية وتطورهـا؛
-  إعداد المتعلم المغربي للمساهمة في تحقيق نهضة وطنية اقتصادية وعلمية وتقنية تستجيب لحاجات المجتمع المغربي وتطلعاته.
§  استحضار أهم خلاصات البحث التربوي الحديث في مراجعة مناهج التربية والتكوين باعتماد مقاربة شمولية ومتكاملة تراعي التوازن بين البعد الاجتماعي الوجداني، والبعد المهاراتي، والبعد المعرفي، وبين البعد التجريبي والتجريدي كما تراعي العلاقة البيداغوجية التفاعلية وتيسير التنشيط الجماعي؛
§    اعتماد مبدإ التوازن في التربية والتكوين بين مختلف أنواع المعارف، ومختلف أساليب التعبير (فكري، فني، جسدي)، وبين مختلف جوانب التكوين (نظري، تطبيقي عملي)؛
§    اعتماد مبدإ التنسيق والتكامل في اختيار مضامين المناهج التربوية، لتجاوز سلبيات التراكم الكمي للمعارف ومواد التدريس؛
§    اعتماد مبدإ التجديد المستمر والملاءمة الدائمة لمناهج التربية والتكوين وفقا لمتطلبات التطور المعرفي والمجتمعي؛
§    ضرورة مواكبة التكوين الأساسي والمستمر لكافة أطر التربية والتكوين لمتطلبات المراجعة المستمرة للمناهج التربوية؛
§    اعتبار المدرسة مجالا حقيقيا لترسيخ القيم الأخلاقية وقيم المواطنـة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديموقراطية.
ولتفعيل هذه الاختيارات، فقد تم اعتماد التربية على القيم وتنمية وتطوير الكفايات التربوية والتربية على الاختيار كمدخل بيداغوجي لمراجعة مناهج التربية والتكوين.
اختيارات وتوجهات في مجال القيـم
إنطلاقا من القيم التي تم إعلانهـا كمرتكزات ثابتة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والمتمثلة فـي:
-  قيـم العقيدة الإسلامية؛
-  قيـم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية؛
-  قيـم المواطنـة؛
-  قيـم حقوق الإنسان ومبادئها الكونيـة.
وانسجاما مع هذه القيم، يخضع نظام التربية والتكوين للحاجات المتجددة للمجتمع المغربي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من جهة، وللحاجات الشخصية الدينية و الروحية للمتعلمين من جهة أخرى.
ويتوخى من أجل ذلك الغايات التالية:
-   ترسيخ الهوية المغربية الحضارية والوعي بتنوع وتفاعل وتكامل روافدها؛
-   التفتح على مكاسب ومنجزات الحضارة الإنسانية المعاصرة؛
-   تكريس حب الوطن وتعزيز الرغبة في خدمته؛
-   تكريس حب المعرفة وطلب العلم والبحث والاكتشاف؛
-   المساهمة في تطوير العلوم والتكنولوجيا الجديدة؛
-   تنمية الوعي بالواجبـات والحقوق؛
-   التربية على المواطنة وممارسة الديموقراطية؛
-   التشبع بروح الحوار والتسامح وقبول الاختلاف؛
-   ترسيخ قيم المعاصرة والحداثة؛
-   التمكن من التواصل بمختلف أشكاله وأساليبه؛
-   التفتح على التكوين المهني المستمر؛
-   تنمية الذوق الجمالي والإنتاج الفني والتكوين الحرفي في مجالات الفنون والتقنيات؛
-   تنميـة القدرة على المشاركة الإيجابية في الشأن المحلي والوطني.
يعمل نظام التربية والتكوين بمختلف الآليات والوسائل للاستجابة للحاجات الشخصية للمتعلمين المتمثلة فيما يلي:
-   الثقة بالنفس والتفتح على الغير؛
-   الاستقلالية في التفكير والممارسة؛
-   التفاعل الإيجابي مع المحيط الاجتماعي على اختلاف مستوياته؛
-   التحلي بروح المسؤولية والانضباط؛
-   ممارسة المواطنة والديموقراطية؛
-   إعمال العقل واعتماد الفكر النقدي؛
-   الإنتاجية والمردودية؛
-   تثمين العمل والاجتهاد والمثابرة؛
-   المبادرة والابتكار والإبداع؛
-   التنافسية الإيجابية؛
-   الوعي بالزمن والوقت كقيمة أساسية في المدرسة وفي الحياة؛
-    احترام البيئة الطبيعية والتعامل الإيجابي مع الثقافة الشعبية والموروث الثقافي والحضاري المغربي.
اختيارات وتوجهات في مجال تنمية وتطوير الكفايات
لتيسير اكتساب الكفايات وتنميتها وتطويرها على الوجه اللائق عند المتعلم، يتعين مقاربتها من منظور شمولي لمكوناتها، ومراعاة التدرج البيداغوجي في برمجتها، ووضع استراتيجيات اكتسابها. ومن الكفايات الممكن بناؤها في إطار تنفيذ مناهج التربية والتكوين:
-   المرتبطة بتنمية الذات، والتي تستهدف تنمية شخصية المتعلم كغاية في ذاته، وكفاعل إيجابي تنتظر منه المساهمة الفاعلة في الارتقاء بمجتمعه في كل المجالات؛
-   القابلة للاستثمار في التحول الاجتماعي، والتي تجعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجات التنمية المجتمعية بكل أبعادها الروحية والفكرية والمادية؛
-   القابلة للتصريف في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، والتي تجعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجات الاندماج في القطاعات المنتجة ولمتطلبات التنمية الاقتصادية والإجتماعية.
ويمكن أن تتخذ الكفايات التربوية طابعا استراتيجيا أو تواصليا أو منهجيا أو ثقافيا أو تكنولوجيا"

أتساءل هل يمكن أن نجد في هذه الأطر المرجعية ما يوحد مدرسي الفلسفة حول الرهان من الإنشاء الفلسفي وكيف تحضر تلك القيم الفلسفية والمدنية والحقوقية والحداثية والعقلانية ليس فقط  في كتابة التلاميذ،بل أيضا في حياتهم اليومية، مع مراعاة التقنية المناسبة للكتابة الإنشائية والاجتهاد في إبداعها بشرط أن لا تتعارض مع الأطر المرجعية التي تنوع من العرض الفلسفي الذي ينفتح على مختلف العلوم والفنون، ومواجهة الأنماط التقنية الجاهزة، ولما لا فتح نقاش عمومي عبر الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة حول مقتضيات الإنشاء الفلسفي بين الأطر المرجعية وإبداعات مدرسات ومدرسي الفلسفة.
تحياتي.
تلك هي شروط ومقتضيات الفلسفة المدرسية بالتعليم الثانوي التأهيلي وهي ليست بالضرورة فلسفية خالصة بل خضعت لتحويلات بيداغوجية ومن خلالها تم استدماج مجموعة من الكفايات والقيم المأخودة مت مباحث غير فلسفية.
وشكرا للأستاذ سي شفيق على إتاحة الفرصة للنقاش. والحقيقية أحن إلى تجربة القسم.لكن أحس بأنها تبتعد عني مع التقدم في السن، لكني أحاول اقتسام ما تبقى لي من تجربة متواضعة مع الإخوة والأخوات مدرسي الفلسفة وأعتذر إن غابت عني بعض المستجدات.تحياتي.

شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: