التفلسف ويومانية التلميذ







التفلسف  ويومانية التلميذ








في سياق التعريف بالفلسفة بخلفيته النقدية للعادات وبعض اليقينيات الشائعة التي لم تخضع للمساءلة وإعمال العقل.كنت أضع أمام تلامذة الاولى بكالوريا في بداية أول لقاء ( وقتها في بداية التسعينات لم تكن الجذوع المشتركة) قضيتين للتفكير والمساءلة:

 أ-لماذا نزيح قطعة خبز من الطريق بعد تقبيلها ووضعها في مكان حتى لا تطأها الاقدام؟
ب*جرت العادة أن الاخوات بمعية الام هن اللاواتي يقمن بغسل ملابس الاسرة،بما فيها الملابس الداخلية (الكارسون)،وأسأل الذكور، هل من الممكن أن تقوموا بغسل الملابس الداخلية لاخواتكم كما هن يقمن بغسلها؟
بالنسبة للسؤال الاول ،غالبا ما يتم التبرير من خلال أن الخبز "نعمة"من الله. وأسأل ،أليس باقي الفواكه والخضر نعمة مثلها مثل الخبز ؟ يتطور النقاش إلى استحضار دلالة الخبز في الثقافة الشعبية وكيف نفسر القداسة التي تلصق بالخبز من دون بقية النعم .التي تجود بها الارض


بالنسبة للقضية الثانية يفاجأ أغلب المتعلمين بجديد السؤال ،ويزعمون أنهم لم يفكروا فيه،وأغلبهم يرفض غسل الملابس الداخلية للاخوات ،ويعللون ذلك بانهم وجدوا هذا الوضع وهو من صميم وظيفة المرأة في البيت...ويتطور النقاش حو أسباب التمييز بين الفتاة والطفل في كثير من الممارسات.عادة ما يطلب الطفل من أخته أن تبحث له عن حذائه أو الجوارب أو تحضر له كوبا من الماء وهو ممدد على "اللحافة"،وبالمقابل من النادر أن يحدث العكس وهناك من اعتبر غسل كارسون أخته إهانة !!!!!....يتطور النقاش إلى قضية التمييز بين جسد  الطفل وجسد الطفلة، فمن المقبول اجتماعيا التسامح مع عراء الطفل بينما تُعتبر فضيحة لو كشفت الطفلة عن جسدها. كانت معظم نقاشات المتعلمين تستبطن خلفيات دينية شائعة.
في نهاية النقاش ،أطلب من المتعلمين تقويم إجاباتهم،ودفعهم إلى التفكير فيها ،وما الحجج التي من شأنها أن تساعدنا على إعادة النظر في عدد من تمثلاتنا الاجتماعية .في البداية كان رد فعل المتعلمين الضحك والبعض يتحرج من السؤال الثاني .هذا الحرج هو بداية خلخلة المألوف وإعمال العقل باستمرار في طريقة عيشنا

.
كان هذا مدخلا لتعليم مميزات التفكير الفلسفي ،وغالبا ما تكون الحصة المقبلة موضوع "الفلسفة والمراهقة أية علاقة؟
أتمنى من تلامذتي في بداية التسعينات إن إطلعوا على هذه التدوينة ،أن يذكروني بعدد من القضايا التي تم فيها التفكير في عدد من القضايا والمتعلقة بخلخلة عدد من ظواهر اليومي برهان تحقق فعل التفلسف في الممارسة اليومية ولو بشكل نسبي.
لنلاحظ في السؤالين لم أستعمل مفهومي الفلسفة والتفلسف،بل تركت للمتعلمين إخضاع تجربة التفلسف في طبيعة الاسئلة والقضايا المطروحة للنقاش.أكيد سيترك هذا النقاش بعضا من التشوش الذهني،من قبيل كيف أقوم بممارسات لا أخضعها للتساؤل والنقد والبحث عن ممارسات أقرب إلى العقلانية منها إلى الاتباعية والتقليد والتسليم.
لكن مع جيل الالفية المتأخرة خفتت مثل هذه النقاشات ربما بسبب بحث المتعلمين عن الجاهز، ويؤسفني أن بعض المدرسين ساهموا في التنميط الفلسفي .ومع ذلك لا يمكن التعميم، فهناك استثناءات ونماذج مشرفة وقفنا عليها مثلا في مختلف الأولمبيادات  الفلسفية ،كعينة من حراك فلسفي لدى المتعلمين والمتعلمات . 




شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: