من ميزات النص الفلسفي
من ميزات النص الفلسفي أنه يأبى أن تصنفه بالقطع في إطار محدد أو بتعبير
بيداغوجي " محور من المحاور ".لم يكن الفلاسفة يفكرون في التحويل
الديداكتيكي لفلسفاتهم، ديداكتيك ينهل من مرجعيات لافلسفية لتدريس الفلسفة وهذه
مفارقة وجب الانتباه إليها.
والحالة هذه النص التالي لهيجل قد يسافر بنا في طول وعرض المقرر الفلسفي مع أن
هيجل يرفض تضييق فلسفته في حيز خاص وهو المقتنع بأن الفلسفة طريقة في التفكير خاصة
تمضي في طريقها ولا تعبأ بالاستراحة في فنادق المحاور الدراسية.وإلا سيتحول كل
محور إلى جثة في مشرحة بيداغوجية مغلقة تنهي حياته وتلك مأساة وجب التبيه لها.
الوعي والوجود
" إن أشياء الطبيعة لا توجد إلا وجودا مباشرا وبكيفية واحدة، أما الإنسان فإن
له، إذ هو روح، وجودا مزدوجا : فهو يوجد من جهة مثل أشياء الطبيعة، ولكنه من جهة
أخرى يوجد من أجل ذاته، يتأمل ذاته ويتمثلها ويفكر في ذاته. إذ أنه لا يكون روحا
إلا بهذا النشاط الذي يُشكّل وجودا لذاته. ويكتسب هذا الوعي بالذات في صورتين:
أولا في صورة نظرية، لأن عليه أن ينكفئ على ذاته من أجل أن يعي كافة ثنايا باطنه
البشري وميولاته. وبصفة عامة أن يتأمل ما يمليه عليه الفكر بوصفه ماهية، و أن يتعرف
على ذاته على وجه آخر سواء فيما يستخرجه من أعماقه الخاصة ومما يتلقاه من معطيات
العالم الخارجي. ثانيا في صورة عملية لأن الإنسان يكون ذاته من أجل ذاته بواسطة
نشاطه العملي، لأنه مدفوع إلى أن يجد ذاته ويعرف عليها فيما يُعطاه مباشرة ويُعرض
عليه من خارج. وهو يبلغ ذلك عن طريق تحويله للأشياء الخارجية التي يطبعها بطابع
داخلته، والتي يعثر فيها على تعييناته الخاصة.إن الإنسان يسلك على هذا النحو- بما
هو ذات حرة –من أجل أن ينزع عن العالم غرابته القاسية."
هيجل. الاستطيقا. مختارات
0 التعليقات:
more_vert