الدرس الفلسفي في رحاب جدلية البيداعوجي والسياسي

التصنيف

 

الدرس الفلسفي في رحاب جدلية البيداعوجي والسياسي




في الوقت الذي كان من المطلوب مناقشة الكتب المدرسية، في الستينات والسبعينات والثمانينات بيداغوجيا مع كيفية تنزيلها ديداكتيكيا، تم تهريب النقاش إلى الحقل السياسي والإيديولوجي.ربما طبيعة المرحلة فرضت هذا المنحى في النقاش، وبات المفكران محمد عاد الجابري وسامي النشار يمثلان بؤرة للصراع بين اتجاه تقدمي اشتراكي، و اتجاه سلفي رجعي.ولا زال هذا النقاش المأزوم يردده بعض ممن عايشوا هذا الصراع تتلمذا وتعليما.
الكتاب الأول ألفه محمد عابد الجابري بمعية الأساتذة أحمد السطاتي ومصطفى العمري تحت عنوان دروس الفلسفة لطلاب البكالوريا المغربية.كما أصدرت نفس اللجنة كتابا مدرسيا خاصا بالفكر الاسلامي تحت عنوان " دروس في الفكر الاسلامي"
والكتاب الثاني من تأليف المفكر المصري سامي النشار بمعية الأساتذة عبد المجيد الصغير وبرادة البشير وعبد الله تروال.
هذا التقاطب بين تجربة الجابري والنشار حرّفت النقاش من ما هو بيداغوجي إلى ماهو سياسي وإيديولوجي مكشوف، الجابري يمثل الخط التقدمي التحرري والنشار يمثل الخط السلفي الارتكاسي.وانقسم المهتمون بالدرس الفلسفي إلى من مع ومن ضد هذا وذاك من قطبي الصراع .


لكن بدء من 1990 ومع تجربة التدريس بالنصوص وتوالي موجات من الكتب المدرسية، هذه الأخير كان حظها من النقد يكاد يكون منعدما وتوارى النقاش السياسي خلف موجات بيداغوجيا الأهداف وسليلتها الكفايات، وهناك من تنفس الصعداء مدعيا أن التدريس بالنصوص سيقطع الطريق أمام التوظيف السياسي للبرنامج الفلسفي الذي كان في نسختيه الجابرية والنشارية سردا نثري لتاريخ الفلسفة ومذاهبها.
ومن المدهش حقا أن نقاد التجربتين السابقتين إلتزموا الصمت أمام تجربة تدريس الفلسفة بوضوح بيداغوجي وما رافق البرنامج الجديدة من تكوين استمر لعقود وكأن المنحى البيداغوجي الطاغي على البرنامج ما بعد الجابرية والنشارية لا يغري بالنقاش البيداغوجي والديداكتيكي بمثل التحليل السياسي ذي الخلفية الإيديولوجية لطرفي الصراع.ومع توالي السنوات وتوالي موجات من الكتب المدرسية خفت صوت النقد واستسلم الكثير لروح النمطية والجاهز...لينتهي الأمر إلى " كتاب التلميذ" الذي تبرأ منه الكثير من المدرسين بدعوى أن للمنهاج أسبقية في بناء الدرس ومن حق المدرس اختيار نصوص من خارج كتاب التليمذ وأن هذا الأخير غير ملزم وهو لمجرد الاستئناس بالنسبة للتلميذ . والجديد ظهور ظاهرة جديدة تتعلق بالانتقال من الكتاب المدرسي الأوحد إلى ثلاثية كتاب التلميذ وإجبار مختلف مقاطعات التفتيش مع النيابات في تحديد الكتب المقررة حسب تلك المقاطعات، وانتقل الأمر إلى التفاضل بين كتب التلميذ الثلاث ، وتلك قصة أخرى سأفرد لها مقالا مستقبلا.
شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: