إحراجات علمية لقضايا فلسفية.( إشكالات إبستمولوجية )




إحراجات علمية لقضايا فلسفية.( إشكالات إبستمولوجية )



من أرشيف موضوعة العقل في المقرر الفلسفي التسعيني ( العقل المنغلق والعقل المنفتح)

مع تحيين بعض قضاياه.

1- إلى أيّ حدّ أسقطت الميكانيكا الكوانطية مع هيزنبرغ ولوي دوبري مفهوم العقل الأرسطي القائم على مبادئ منطقية ثابتة ومطلقة تعصم العقل من الخطأ، وهي مبدأ الهوية ( مبدأ عدم التناقض ومبدأ الثالث المرفوع)، بحيث أثبتت الميكانيكا الكوانطية أن للضوء طبيعتان ( هويتان): موجية ( متصلة) وجزيئية ( منفصلة) ومن ثم القول بثنائية الضوء.

2- وإلى أي أحد أسقط المبدأ الثاني للديناميكا الحرارية مع كارنو وكاوزيوس مبدأ السببية، من منطلق أن السلوك التلقائي لجسيمات الغاز برهن على سقوط مبدأي السببية والحتمية كمبدأين عقليين مطلقين؟

3- إلى أيّ حدّ أحرج المنطق الرمزي البداهة العقلية التي دافع عنها ديكارت باعتبارها ضمانا لصحة مبادئ العلوم وأسسها، من قبيل مجموع زوايا المثلث تساوي قائمتين، وهذه بديهة مفروضة على العقل الذي لا يختارها، والمؤسسة على خلفية الهندسة الأوقليدية.لكن مع المنطق الرمزي كل نسق منطقي هو نسق أوليات وليس نسقا بديهيا مطلقا، والقضايا الأولية  يختارها العالم اختيارا اتفاقيا لا تتحكم فيه أية معايير عقلية  تزعم أنها واضحة بذاتها، بحيث فتحت هندسة ريمان ولابوتشيفسكي أبعادا أخرى للهندسة اللاقليدية بانفتاحها على إمكانيات أخرى غير التي اعتبرها القدماء الممكن الوحيد.

4- إلى أيّ حدّ أحرجت النظرية النسبية مع إنشتاين مفهوم الزمان والمكان لدى كانط كإطارين عقليين قبليين مطلقين وثابتين؟

 


حتى بعض حقول " العلوم " !!! الإنسانية" لم تسلم من الهرقطة العلمية .المقالان أعلاه يندرجان ضمن السوسيو-بيولوجيا، التي تُفسّر الأخلاق بالتركيب الجيني مما يعني أن الأخلاق في النهاية مسألة جينية، لكن علم البيولوجا أثبث خطأ هذا الربط ،وقد  تمّ أيضا دحض ما يسمى بيولوجيا السلوك كما نظّرت له النازية وكل التيارات العنصرية والتي ربطت التفوق العرقي بالإنسان الأبيض وحكمت بالدونية على العرق الأسود بادعاء أن الحسم في التوفق يرتكز على معطى بيولوجي، كما أن النساء لم تسلمن من التمييز البيولوجي بين الرجل والمرأة.

حاصل القول،أن الألفية الثالثة عرفت تقدم العلم بشكل متسارع، الأمر الذي من شأنه  أن يحرج بعض الثوابت الفلسفية وخاصة التي انبنت على بعض القضايا العلمية في عصرها ، نفترض النصف الأخير من القرن التاسع عشر حتى حدود النصف الأول من الأفية الثالثة، وخاصة في علوم الفضاء و العلوم البيولوجية بالخصوص، والتي كشفت عن إمكانية تغيير البنية الفيسيولوجية للإنسان من خلال الهندسة الوراثة والتخليق الجيني، وهذا له تأثير على الخلفية الأخلاقية لعدد من الفلسفات.







ليس جديدا القول إن العقل ، مع تطور العلوم  أصبح مطالبا بإعادة النظر في مبادئه والتخلي عنها لصالح مبادئ جديدة عليه أن ينشئها  كلما تطلب التطور العلمي ذلك،أو يقبل بالانفتاح على مبادئ جديدة حتى يستطيع إدراك المستجدات ويسائلها فلسفيا وما يرافق هذا من إبداع للمفاهيم وتحيين وتجديد الخطاب الفلسفي ضمن خاصية الثابت والمتحول.كان هذا مطلبالفلسفة المفتوحة" التي مثلها بالخصوص جاستون باشلار ، والعقلانية التكوينية التي أسسها جان بياجي، هاتين العقلانيتين تقولان بتاريخية العقل وضرورة انفتاحه على الواقع، وخلق وسائل عمله وتطويرها وتجديدها. هذا لإشكال يطرح  طبيعة التقدم في الفلسفة مقارنة مع التقدم العلمي من ثمة طبيعة حضور تاريخهما في عملية التقدم.





السؤال، هل يوجد راهنا في العالم العربي  بالخصوص تحرك فلسفي يسائل إشكالات إبستمولوجية تتعلق مثلا بالبيئة وإحراجات الهندسة الوراثية والتخليق الجيني،وفيزيولوجيا الدماغ التي من المحتمل أن تغير منظورنا لمفهوم العقل الديكارتي والكانطي،وبيولوجيا الأعصاب التي من المحتمل أن تعيد النظر في علاقة الوضع البشري  بمحيطه السوسيوثقافي والتي قطعت أشواطا في فيسيولوجيا الدماغ بهدف الوقوف عن مفهوم الوعي وكيف للمادي البيولوجي أن ينتج الوعي المتجلي في الفكر؟


أتساءل، بماذا نفسر اهتمام مفكرينا في مجال الفلسفة  بالتراث الفلسفي الغربي والإسلامي شرحا وتفسيرا، ومقصّرين في التفكير في إشكالات علمية دقيقة هي في الطريق إلى تغيير وضع الإنسان والطبيعة مستقبلا عبر جدلية  التطوير والتدمير؟ وقبل هذا ،هل لدينا في العالم العربي مفكرين لهم تجربة عملية في الفعل العلمي/ التطبيقي وليس العلمي السمعي/ المقالي؟ هل لازالت مقولة الجابري لها راهنيتها،كون إشكال الفكر الفلسفي في العالم العربي الإسلامي إشكال سياسي  وليس علميا، ومقاربته للعلم لا تتعدى المطالعة دون التمكن الحقيقي من الفعل العلمي ومقاربته فلسفيا؟هل من خلف للراحلين الجابري وسالم يفوت وعبد السلام بنعبد العالي ومحمد وقيدي وعبد الرزاق الدواي ؟....



شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: