هل افترى أفلاطون على السوفسطائية؟

التصنيف




    هل افترى أفلاطون على السوفسطائية؟



بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة 2019


    هل الذين ينتقدون السوفسطائية اليونانية اعتمدوا في نقدهم على كتاب بروتاجوراس" الحقيقية "، وكتاب جورجياس " في اللاوجود"،أم اعتمدوا على ما رواه عنهم كل من أفلاطون وأرسطو علما أن هذين العلمين الفلسفيين رفضا المذهب السوفسطائي وقد تم عرضه من موقف الرفض وليس التحليل الموضوعي، ما له وما عليه؟
    رجاء من يملك كتب السوفسطائيين يعمل على نشرهما كي نقرأ فكر السوفسطائئين من خلال مصادرهم لا من خلال ما رواه عنهم خصوهم.من له علم بالمحققين الذين حققوا ما تبقى من مخطوطات أو كتب السوفسطائيين.وهل من المقبول أن تتحول مقولة " الإنسان مقياس الأشياء جميعا" إلى المفتاح السحري لفهم منظومة متكاملة من البحث السوفسطائي في عدد من الموضوعات الطبيعية والفلسفية والبيانية واللغوية والحقوقية والحجاجية..
   من قام بتحقيق كتب السوفسطائيين ؟ لأنه من غير الفلسفي تحليل مواقف مفكرين من دون الاشتغال على نصوصهم في مصادرها.وهذا ينطبق على سقراط ذاته ، بحيث وجب الاحتياط من ما يُسب إليه.والغريب أن جل مؤرخي الفلسفية يتحدثون عن السوفسطائيين وسقراط بكثير من التفاصيل من دون الإشارة إلى المصادر التي اعتمدوها في سرد عدد من المواقف السوفسطائية والسقراطية.لنفترض طالب دكتوراه يبحث أكاديميا في الخلاف بين السوفسطائيين وسقراط..هل سيكتفي بروايات أفلاطون وأرسطو من دون مصادر موثقة ومحققة للسوفسطائيين وسقراط ؟وهل نحا أفلاطون وأرسطو منحى الغزالي في العرض الموضوعي لابن سينا ثم نقده، أو بمثل ما قام به الشهرستاني في كتابه " مصارعة الفلاسفة" بعرضه لقضايا الفلاسفة كما هي ثم يقوم بمحاورتها ونقدها؟ أو بمثل ما قام ابن رشد في تقديم النص الغزالي ( تهافت الفلاسفة ) بكل موضوعية ثم انتقاده في " تهافت التهافت "؟
   أستغرب من حكم أصدره المؤرخ الكبير يوسف كرم بخصوص السوفسطائية في كتابه " تاريخ الفلسفة اليونانية "الطبعة الخامسة.1972.الصفحة 49، إذا قال " ومهما يقال من أن السوفسطائيين أخرجوا الثقافة من المدارس الفلسفية ونشروها في الجمهور،وأنهم مهدوا للمنطق والأخلاق، فقد كادوا يقضون على الفلسفة لولا أن أقام الله سقراط ينتشلها من هذه الورطة المهلكة." ويوسف كرم نفسه لم يعرف السوفسطائية إلا من خلال ما رواه عنها أفلاطون وأرسطو.!!!!!! أي التأريخ الفلسفي بالوكالة !!!!! علما أن كل حديث عن فكر قديم هو تأويل.وكما يقول فؤاد زكريا في ترجمته لجمهورية أفلاطون :" ومن الحقائق الواضحة أن الايمان بمفكر من المفكرين أو بنص من النصوص يخفي عن القراء كثيرا من العيوب التي كان من الممكن أن تظهر واضحة لولا هذا الايمان."... من بين العيوب أن سقراط الأفلاطوني في المحاورات ليس هو سقراط "الحقيقي" من خلال منهج التوليد والتهكم ،بينما في المحاورات نجد سقراطا آخر.فكيف الثقة بتأويل أفلاطون للمذهب السوفسطائي كما قدّم سقراط في إخراج لا علاقة بسقراط ولو تخيلنا وقد بُعث سقراط في زمن أفلاطون فلن يتعرف على نفسه وقد قدمه أفلاطون ذلك المفكر العارف بالحقائق من دون حوار حقيقي مع مناظريه كما في جل محاورات أفلاطون بحيث كما قال سلافوي جيجيك لا وجود لحوار في محاورات أفلاطون، الطرف الآخر سلبي ولا يعكس فضاء الحوار والجدل كما مارسه سقراط...إذا تعامل أفلاطون بهذه الطريقة مع سقراط فماذا نقول عن تعامله مع السوقسطائية ، الخصم السياسي والطبقي؟ بل وفي الجمهورية عدد من الأساليب السوفسطائية التي استنكرها عليهم وسأعرضها لاحقا.
لكن أليس للسفسطائية جانبا إيجابيا ؟ بماذا نفسر انبعاث أبحاث معاصرة تبحث في الحجاج السوفسطائي وتنقيه من الشوائب الأفلاطونية المفترية.

ثر الحركة السوفسطائية على تاريخ الفكر الفلسفي
عصام أسامة.2019



شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: