في زمن الكورونا حان الوقت لتعيد الفلسفة مساءلة وظيفتها.

التصنيف





حان الوقت لتعيد الفلسفة مساءلة وظيفتها، وتلتحق بالمد الحقوقي والايكولوجي في الدفاع عن الحق في الحياة.


مجرد سؤال مبدئي،والتفاصيل تأتي من بعد.

مالفرق بين خطاب دعاة الفلسفة اليومانية وخطاب الفلسفة في صيغتها البحثية الاكاديمية (وهذه لها مشروعيتها التاريخية والاكاديمية ولا مزايدة عليها ولها أصدقاؤها ومريديها ومقراتها...)؟ من المتعارف عليه أن الفلسفة في أصلها وبنيتها نخبوية وخاصة بالخاصة من أصدقاء الفلسفة.لكن بزعم تعميم الفلسفة (ومن بين المستهدفين الاطفال)وإنزالها من سماء المعقولات المتعالية (في مبناها ومعناها الكانطي مثلا) إلى الواقع اليومي حيث القوى الاجتماعية التي يزعم دعاة الفلسفة اليومانية أن من حقهم امتلاك أبجديات التفكير الفلسفي وخاصة مواكبة العصر بصناعة مفاهيم تناسبه، والقدرة النقدية والحجاجية وتعلم المناظرة والانصات بهدف الحوار ...في هذه الحالة ، من المفترض أن يتوجه خطاب الفلسفة اليومانية إلى عموم الناس (السؤال ماذا نقصد بهذه الشريحة الاجتماعية، ولماذا هي في حاجة إلى الفلسفة،وكيف كانت تدبر حياتها اليومية من دون امتلاكها لابجديات التفكير الفلسفي؟


 إذن هل مطلوب من المشتغلين بالتفكير الفلسفي تدريسا وبحثا وتنظيرا الاشتغال على اللغة الطبيعية من أجل تشكيلها وإبداع بنيتها كي تكون في مقدور الوعي العامي استيعابها وتمثلها والقدرة على تطبيقها في ممارسته الحياتية ؟ هل الفلسفة ،وهي قادرة على التعالي مبنى ومعنى في رحاب النخبة والمختصين أن تكون مبدعة أيضا في مساعدة عموم الناس على استيعابها ومنهم الاطفال الذين أدرجوا ضمن إمكانية تقريبهم من أبجديات التفكير الفلسفي؟ وهذا نقاش أثير منذ أفلاطون ومن بعده الابيقورية.أقول للمتحفظين على تبسيط أبجديات الفلسفة بهدف جعلها قريبة وصديقة لعموم الناس ،هاتوا برهانكم على استحالة الابداع في التبسيط ما دام الاشتغال على اللغة الطبيعية أساسه إبداع نمط من التواصل اللساني قادر على الحفاظ على الجوهر مع تغيير طريقة إبلاغه وإفهامه.فكيف يكون الابداع في التعالي والتعقيد ولا يكون في "الممكن والمتناول"؟ يجب إعادة التفكير في أسطورة الفزع من التبسيط من قبل حراس المعبد الفلسفي .لقد نجح كتاب "عالم صوفي " لمؤلفه جوستاين جاردر في تحطيم فوبيا التبسيط وخلخلتها.



إذن في زمن الكورونا وما قبله زمن التفاهة ،أصبحت الحاجة إلى الفلسفة ضرورة تجر معها كقاطرة فنون الادب والفن ومختلف العلوم ...لترسو على شاطئ العامة المحرومين من نعمة التفكير بحس إشكالي ونقدي.وكما مطلب إعادة النظر في التبسيط أصبح من الضروري إعادة النظر في المفهوم القدحي لمفهوم "عامة الناس"، وبالتبعية اكتشاف الفلسفة لموضوعات وإشكالات جديدة مرتبطة بواقع الناس في واقعيتهم،علما أن الفلسفة برمتها لم تنحرف عن إشكال الانسان باعتباره القطب الاساسي في التفكير حتى في أكثر الفلسفات المغرقة في الميتافيزيقا، فالانسان في قلبها لا على هامشها.إذن المشكلة ليست في الفلسفة ذاتها كطريقة في التفكير بل في أسلوبها والقوى الاجتماعية الموجهة إليها.ومن أراد التلاعب بالالفاظ والتعسير في الاسلوب والتنميق في العبارة ،فذاك شأنه كفرد مثل شأن مهربي الفلسفة إلى الصالونات المخملية،ولكن الذين يأملون(كمسؤولية جماعية وكمواطنة فلسفية ومنها ضرورة تجويد تدريس الفلسفة كبوابة لتعميم الفلسفة ) تأسيس عصر الفلسفة الشعبية التي في متناول عموم الناس،فهذا رهان جديد ،بل هو الافق المنتظر لفلسفة المستقبل.لقد علمتنا الكورونا كيف يواجه الطب وعلم الاوبئة صعوبات في التواصل مع عموم الناس،وهم الثروة الحقيقية للحياة،كذلك أصبحت الفلسفة أمام مسؤولية الانخراط في اليومي وأستسمح تجار الفلسفة الذين يمارسون النخبوية الديكتاتورية واستفرادهم بالحق بالفلسفة.ليس فقط زمن الكورونا من يفرض إعادة النظر في وظيفة وبنية ورهان الفلسفة ،بل المد الحقوقي والايكولوجي هما أيضا يفرضان على الفلسفة أن تعيد النظر في طريقة أسلوبها وطريقة تفكيرها كي تساهم بالملموس في معركة البقاء أمام تعدد المخاطر.
كخلاصة/ المعنيين بالحاجة إلى الفلسفة ليس الفلاسفة والباحثين في مجال الفلسفة وأصدقائعا، بل مفهوم الحق في الفلسفة يأخد معنيين،الأول الحق في احترام وجود الفلسفة في التدريس والبحث والتأليف، ثانيا حق تواجد الفلسفة في الفضاء العمومي ليس بخلفية التنظير بل من جهة الفعل الفلسفي الذي يستهدف فطر وسلوك عامة الناس.السؤال، من الموكول له تبيئة الفلسفة في الفضاء العمومي؟ 



شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: