. كيف أفهم المراجعة الفلسفية ضد وهم الملخصات الجاهزة
وفاء لروح التفلسف(في نقد الكبسولة الفلسفية )
وفاء لروح التفلسف(في نقد الكبسولة الفلسفية )
هل
يُعتبر برنامج الفلسفة بالنسبة للثانية
بكالوريا مفصولا عن برنامج الجذع المشترك
والأولى بكالوريا ؟ هل يجوز البدء من الصفر في تحليل وتفسير وبناء مختلف قضايا
وإشكالات البرنامج الفلسفي للثانية بكالوريا؟ وبالتالي هل اللحظات الفلسفية لبرنامج
السنوات الثلاث عبارة عن جزر فلسفية مفصولة أم يكمل بعضها البعض ؟ السؤال، كيف يتم
توظيف ما تعلمه التلاميذ/ ات في الجذع المشترك والأولى بكالوريا في إضاءة قضايا
وإشكالات البرنامج الفلسفي للثانية بكالوريا؟
مجزوءة
الوضع البشري
أ – ما علاقة
هذه المجزوءة بكل من مجزوءة الطبيعة والثقافة ومجزوءة الإنسان؟ نقرأ في التوجيهات
التربوية :" الحفاظ على وحدة البرامج وتماسكها.
بالرغم من استقلال مفاهيم المجزوءات بعضها عن بعض استقلالا نسبيا (مجالا وإشكالية
ومضامين) .فإذ كان برنامج المادة بالجذوع المشتركة يشكل بمجزوءتيه مرحلة
تمهيدية...فلإن برنامج السنة أولى من سلك البكالوريا يشكل بمجزوءتيه امتدادا نوعيا
لسابقه ....كما أن برامج السنة الثانية من
سلك البكالوريا يرتبط بدوره ، بعلاقة وطيدة مع سابقيه...الشيء الذي يعني أن
الوحدة القائمة بين مختلف برامج المادة
بالتعليم الثانوي التأهيلي لا تنبني على
أساس تاريخي زمني أو خطي تعقبي وإنما على ما يشبهة مساحة دائرية تزداد في كل لحظة غنى وثراء وعمقا واتساعا....وهذا يساعد على توظيف
المكتسبات السابقة في تناول المفاهيم
اللاحقة........" ص 6. ولهذا أتساءل عن أسباب ومبررات غياب توظيف
وإغناء قضايا وإشكالات البرنامج الفلسفي للثانية بكالوريا بما تعلمه التلاميذ/ ات،
في البرنامجين السابقين بناء على قاعدة" المساحة الدائرية التي تتسع في كل
الاتجاهات.؟
2- قضية الهوية الشخصية
أ- كيف يتم إغناء مجمل قضايا وإشكالات االشخص والهوية بتوظيف بعض إضاءات
مجزوءتي الطبيعة والثقافة والإنسان في تحديد مكونات وأساسات الهوية الشخصية ؟ أقول
إضاءات وليس تفسيرا وتحليلا.مثلا ، هل يمكن البحث عن طبيعة هوية الإنسان خارج كونه
كائنا- بيوثقافيا، يتعالق وجوده كذات، مع الناس والطبيعة ؟ ما هي الإحالات الممكنة التي من شأنها أن تجعل
التلاميذ/ات يتذكرون ويعون وحدة البرنامج
الفلسفي وتكامله،وإلا ما الفائدة من وجود برنامجي الجذع المشترك والأولى بكالوريا؟( يندرج موضوع مجزوءة الإنسان في إطار تركيز وتعميق القضايا التي
تعرف عليها التلميذ/ة سابقا في مجزوءة الطبيعة والثقافة...والحال أن فكرة الإنسان،
بما هو كائن ثقافي ينتمي إلى الحضارة ويملك طبيعة إنسانية..."ص 24 السؤال ،هل يمكن البحث عن
هوية الشخص خارج كونه يملك طبيعة إنسانية ؟ (تشكل برامج
الفلسفة في السنة الثانية من سلك البكالوريا، تطويرا لمكتسبات التلميذ/ة في الجذوع
المشتركة وارتقاء إلى مستوى التمرس بمهارات وآليات التفكير الفلسفي في السنة أولى بكالوريا،بإدخال التلميذ /ة إلى فضاءات نظرية أوسع وصولا إلى ترسيخ قدرات التفكير الفلسفي
والكتابة المنظمة في نهاية هذا السلك. ويرمي تدريس الفلسفة، في هذا المستوى إلى
تمكين التلميذ من ضبط المفاهيم التي سبق تعرّفها،وإعادة النظر في الأسئلة التي ما
تزال مطروحة، وذلك من خلال الاشتغال على مفاهيم جديدة وأسئلة تتم صياغتها ."
ص 29)
مثال.
كيف تتجلى للتلميذ/ة أطروحة جون لوك حول مُكوّن الهوية الشخصية على ضوء ما فكّر
فيه في البرنامجين السابقين؟ ما الذي يمكن توظيفه من تعلمات سابقة في مناقشة
أطروحة جون لوك أو ديكارت أو شوبنهاور؟ كيف نحسس المتعلم بواقع المساحة الفلسفية الدائرية والعمل على توظيف جزء منها في مناقشة وتقييم
أطروحات الفلاسفة، علما أن البعض منهم سبق له وأن تعرّف عليه في سياقات إشكالية لن
تلغي بالضرورة نسقية البناء الفلسفي للفيلسوف.كما تسمح للمتعلم/ة حيازة معطيات تساعده على التوسع في مقا بة قضايا وإشكالات مجزوءة الثانية بكالوريا .
أتساءل،لماذا
إصرار عدد من المدرسين/ات ( في إطار المراجعة )على إعطاء تلخيص مقتضب لما يفترض
أنه أطروحة فيلسوف فقط، بمعزل عن سياقها الإشكالي والمفاهيمي والحجاجي، مع إغفال أهم
لحظة في مادة الفلسفة وهي لحظة المناقشة النقدية لمخرجات الأطروحة، بحيث يتم تركيز
محترفي الملخصات على الأطروحة كنتيجة من دون التفكير في مسار تكونها ،والأهم ، ما
يترتب عنها من نتائج فلسفية ومواقف شخصية للتلميذ/ة وما يتعلمه من حرية التفكير والاستقلال الفكري . لنعطي مثال بالنتائج المفترضة لأطروحة جون لوك( 1632 - 1704 )،وكيف تسمح للتلميذ/ة التفكير المابعدي لفهم الأطروحة:
*- هل
تؤدي العينية la mêmeté ،أي أنا أشعر بأنني أنا هو أنا،وأتذكّر بأني أنا هو أنا بالرغم من تماسف distanciation حاضري على ماضي؟ هل تؤدي هذه الاطروحة إلى مخرجات أخلاقية
وقانونية؟
*- بأي
معنى الشعور بأن الهوية الشخصية قائمة على الوعي بالإنية كمساحة زمانية تاريخية
وآنية إلى الاعتراف بتحمل المسؤولية القانوية والأخلاقية لكل تجليات الوعي والسلوك
طيلة الوعي بهذه العينية الهوياتية؟
*- إذن ،إذا
كانت الهوية تقوم على إعتراف الشخص بأنه هوهو، هل هذا ينطبق فقط على الحالات ( الجسدية(؟ عادة ما يقدم
مثال صورة لنفس الشخص وهو في مرحلة الطفولة ويقول أنا هو الذي في الصورة بالرغم من مسافة
زمنية تقصر أو تطول، علما أن جون لوك ركز على الوعي باعتباره مسؤولية، بل ذهب إلى
حد أنه يوم البعث ، يبقى الشخص هو هو حتى ولو بعث في جسد آخر، لكنه سيحاسب على
أفعاله هو ) والتي تشكل جزءا من هويته الشخصية ( مثلا بماذا نفسر لجوء الفاعلين
السياسيين إلى تاريخ خصومهم للنبش في ما من شأنه يسقط سمعته الانتخابية ،أو لدى
البعض يرفع من قيمته الانتخابية،أليس هذا اعتراف باستمرار الهوية عن طريق التذكّر
الذاتي أو تذكر الآخرين وتوظيف ذاك الماضي السلوكي في سياقات معينة ؟
*- أليس
في هذا الناقش والتقيم حافز لدى المتعلم /ة في تحمل مسؤوليته كشخص سيحاسب على
أفعاله وأفكاره التي لا تتقادم، ومن ثمة
حضور العامل القانوني والأخلاقي قي تدبير وجود الشخص في علاقته بذاته ومع الآخرين
ومع الطبيعة؟
*- ألا يعطينا
جون لوك درسا في الوعي باعتباره محددا لوجودنا في كل تمرحله التاريخي، والتحلي باليقضة
حى لا يتسخ " السجل العدلي للشخص ".
...وهنا
أتساءل، ما القيمة الفلسفية في تقديم ملخصات معطاة وجاهزة، وفي غالب الأحيان مشوهة
ومقطوعة عن سياقها الإشكالي .طيب، لنفترض أن التلميذ/ة حفظها ( لأن طريقة عرضها ليست فلسفية البثة) ، بماذا
سيتفيد شخصيا منها، وكيف سيناقشها في إنشائه الفلسفي، قد يلقن له آفة أخرى وهي
تضاد الأطروحات ، وكأن الإنشاء الفلسفي عبارة عن " كوليسيوم للمصارعة " وليس
ساحة للتفكير والتفكيك والاختلاف والتفكير الفلسفي بشروطه التي تعرّف التلميذ/ة عليها في
الجذع المشترك؟
*-
السؤال، كيف نعطي للتلميذ/ة فرصة استنتاج شخصي أو اجتماعي لمختلف الأطروحات
ومستتبعاتها الإشكالية والمفاهيمية والحجاجية والنقدية ...والقدرة على استخراج
العبرة الفلسفية من اختلافات الاطروحات الفلسفية ، وليس الترديد الببغاوي للأطروحاتهم في تجاورها وليس في تفاعلها الاختلافي والتعددي
، والعمل على صياغة القشدة الفلسفية والتمتع
بها في الحياة اليومية كبديل للقشدات المزورة من قبيل التقليد الصيني.
*- لماذا يغيب في الملخصات الفلسفية الروح الفلسفية ، وتحضر الأفكار جاهرة معطاة ومعدة
للحفظ بل لتحويلها إلى " نقلة" معدة لممارسة الغش في الإنشاء الفلسفي،
مدعّمة بالخواء الفكري حين لا يستفيد المتعلم/ة من الدرس الفلسفي في حياته اليومية.
السؤال كيف نشجع التلميذ/ة على التفكير وليس على ترديد صيغ لما يفترض أنه أطروحة
بشكل جاهز ( سواء في التعليم الحضوري أو عن بعد.حتى في التعليم الحضوري، يعمد عدد
من مدرسي الفلسفة على تقديم عدد من الأطروحات تباعا على شكل مقادير أكلة من قبيل
الأكلات التي تقدمها شوميشة).
*- نفس
المسار والرهان، نوظفه مع شوبنهاور (1788-1860).وهنا أفق على توصيف ما اعتبره
شوبنهاور ، على ماذا تتوقف هوية الشخص؟ عدد من
المدرسين /ات يكتفون بذكر أن ذاك المكون هو الإرادة!!!!
في حين يتحدث شوبنهار عن إراد ةالحياة . كيف سيتقبل
المتعلم/ة موقف شوبنهاور ، وهو يبنى تصوره ضمن إشكالية تختلف عن إشكالية عصر جون
لوك. عادة ما يختلط في ذهن المتعلم الفرق بين الإرادة وإرادة الحياة).صحيح أن شوينهاور
هو الآخر كلوك وغيره يبحث عن العنصر الثابث
المشكل لهوية الشخص، وعلى أساسسه تقوم هوية الشخص والتي وجدها في إرادة الحياة التي تظل في هوية مع نفسها.لكن ماذا يقصد
شوبنهار بإرادة الحياة، وما الفرق بينها وبين إرادة العقل المنطقية العقلية ؟ نعود
إلى مسألة مدى توظيف المدرسى/ة لتعلمات التلميذ من مجزوءات سابقة،
ومحاولة قراءة موقف جون لوك حول الوعي بالهوية من خلال الإشكالات التي طرحتها
مدرسة التحليل النفسي مع سجموند فرويد، ونوظف بأن أي الشعور لا يحيط بكل ما يجول في
الذات لأن اللاوعي حاضر بقوة.....كما نعرج على إشكال الرغبة وعلاقتها بالوعي
وبالإرادة...كل هذه تذكرات قد تساعد المتعلم/ة على فهم موقف شوبنهاور، الذي يعتبر
أن إرادة الحياة هي ما تتوقف عليها هوية الشخص. يقول في كتابه العالم إرادة وتمثل :"إرادة الحياة في القوة التي تُنبت النبات..في المغناطيس...في
الجاذبية....هذه الإرادة تظهر في كل قوة عمياء للطبيعة وكذلك في سلوك الإنسان
الإرادي".. ( كيف نبرر هذا الحضور لإرادة
الحياة في الموجودات العضوية واللاعضوية ) هل يعني هذا أن إرادة الحياة هي
اندفاع غريزي أعمى، وطاقة أو قوة مستبدة
لا ضابط لها ولا نظام، وما موقع العقل إزاءها، هل تتحكم فيه كما تشاء؟
ما يجب
الانتباه إليه بيداغوجيا وليس فقط فلسفيا، وهو كيف يجد المتعلم/ة ذاته في تعدد
مواقف الفلاسفة ، وكيف يقيس كل أطروحته بمقاسه هو من خلال ما تعلمه بخصوص آليات
التفكير الفلسفي ضمن قضية معالم التفكير الفلسفي ونمط اشتغاله؟ ولماذا التفلسف؟
وهو يعايش مباشرة تفلسف الفلاسفة من خلال مجابهته لنصوصهم ( مع تحفظي على بعض
الترجمات ). بالعلاقة مع هذه القضية كيف يدرك التلميذ/ة مبرر الإنتقال من أطروحة
إلى أطروحة مخالفة يجمعهما مقاربتهما للإنسان ( الشخص كتركيب لمكونات جسدية وروحية
وفكرية في تعالق مع بقية الذوات ومع الطبيعة) لكن يختلفان في ما هذا الأساس ضمن
هذا التعدد الوجودي الإنساني، الذي يشكل حقيقية الأنسان في النهاية؟ وكيف نجعل
المتعلم ليس منفعلال ومستهلكا لملخصات جاهزة بل فاعلا من خلال الرجوع إلى ذاته
والبحث عن ترجيح أحدى المواقف والمحاججة على اقتناعه بإدراك هذا الثابت الذي يكون
وعليه تتوقف هويته ؟ وهذه عملية معقدة تبنى ذهنيا ومنهجا عبر تمرحل كل البرامج
الفلسفية ومن خلال تمارين فصلية دورية،ومن خلال موائد مستديرة مع التلاميذ/ات.
إذن كيف
يتعامل التلميذ من موقف المسؤولية مع موقف شوبنهاور من إرادة الحياة ؟ وهل يتذكر
بعض إشكالات مفهوم الرغبة كمدخل لفهم القصد من اعتبار إرادة الحياة عند شوبنهاور
لها وضع خاص ومعقد ولها علاقة بمختلف رغبات مكونات الجسد، واعتباره الجسد موطن رغبات متعدد حسب كل عضو بشري.؟ كيف نجعل
التلميذ/ة يدرك إرادة الحياة فيه وفي استطاعته تأملها ، بل والتحكم فيها أو الحد
من شدتها؟ ما يغيب في تدريس المدرسين/ات هو الوصول بالأطروحة إلى نهايتها،
لنفترض أن التلاميذ/ات سألوا عن نتائج عبودية الإنسان/ الشخص لهذه القوة الغريزية
الجبارة (إؤادة الحياة ) وهو مقبل على قضية الشخص بين الضرورة والحرية؟ هذا السؤال لم يغب على ذهن
شوبنهاور، وتجاوزا لمقولة " ويل للمصلين" وجب تتمة اكتمال الأطروحة، من
خلال أن تأمل إرادة الحياة يقتضي الأمر جعلها موضوعا للتمثل لندرك تجليها في
ذوانتا في بقية الموجودات،وإحدى مداخل التحرر هو الفن.هنا يمكن تذكر بعض مسارات
مجزوءة الفاعلية والإبداع، كون الفن في بعده الإبداعي بالنسبة لشوبنهاور هو من بين الممكنات للتحكم في
إرادة القوة والتحكم في شهواتها.
هذا
نموذج من إبراز لحظات أساسية في تمثل مسارات وتمرحلات قضايا فلسفية من المطلوب أن
يتفاعل معها التلميذ/ة وليس فقط اجترارها وحفظها من دون أن تكون عاملا أساسيا في ربط ما يتعلمه من درس الفلسفة في حياته
اليومية.
لنجسد التفاعل الفلسفي مع التلاميذ ونخرجهم من كهف العادات الجاهزة.
0 التعليقات:
more_vert