وضعية مشكلة مسكوت عنها.
هل هناك تكامل وتضايف بين مجزوءات البرنامج الفلسفي للجذوع المشتركة والأولى
بكالوريا والثانية بكالوريا؟ أم هناك قطيعة وعدم استمرارية في المقاربة الفلسفية
لمفهوم الانسان من خلال قضايا الطبيعة الثقافة،والانسان والفاعلية والابداع،
ومجزوءات الثانية بكالوريا؟
إذا كان هناك تكامل،هل يمكن للمتعلمين في الامتحان الوطني للبكالوريا توظيف بعض
المكتسبات الفلسفية في المرحلتين السابقتين في إضاءة إشكالات مجزوءات الثانية
بكالوريا؟
وإن كان هذا الممكن غير وارد،يطرح السؤال: ما الجدوى من تدريس الفلسفة في
الجذوع المشتركة والاولى بكالوريا؟
يترتب عن إهمال وتجاهل المقررين السابقين عدم اهتمام المتعلمين بهما لانهما
غير مرتبطين بالامتحان الوطني . حقيقة المرحلة الاولى مع الجذوع المشركة هي
للأستئناس الفلسفي، وتعميق هذا الاستئناس في مرحلة الاولى بكاوريا، ليكون المتعلم
في مواجهة إشكالات معمقة حول الوجود الانساني.
هذه الوضعية خلقت ممارسات لافلسفية ولا تربوية.منها أن عددا من المدرسين يفضلون تدريس الجذوع المشتركة والاولى بكالوريا لاعتقادهم أنهما لا يتطلبان مجهودا ديداكتيكيا ومعرفيا، ومن ثمة يعتبر عدد منهم أن الجذوع المشتركة بمثابة مرحلة استجمام فلسفي وفي الاولى بكالوريا سياحة فلسفية في الجغرافية الانسانية.لكن البرنامح الفلسفي للثانية بكالوريا يتطلب جهدا إن على مستوى المعارف الفلسفية وسياقاتها وطبيعة إشكالاتها وكذلك على مستوى منهجية الانشاء الفلسفي،علما أن هذه الاخيرة يبدأ الاستئناس بها في الاولى بكالوريا.
لهذه الاعتبارات هناك تفاضل بين البرامج الفلسفية للسنوات الثلاث،والقضية
تحتاج إلى بحث ميداني حول مدى استفادة المتعلمين من البرنامجين الفلسفيين وإمكانية
توظيف بعض مكتسبتاها في بناء الدروس داخل الفصل وفي الامتحان الوطني وفي أرضنة
الفلسفة كما سأوضح لاحق.
أقول الاستفادة في حدود الممكن وخاصة في مجزوءة الوضع البشري التي تتقاطع مع
مجزوئتي الانسان والفاعلية والابداع،حتى لا يعتقد المتعلمون أن إنسان المجزءتين في
الاولى بكالوريا ليس هو نفسه الانسان في الوضع البشري. حتى في مجزوءة الطبيعة تحضر
إشكالات الغير من خلال تكامل او صراع الحضارات.
سؤالي ،كيف نقنع المتعلمين أن البرنامح الفلسفي جسم واحد بروح واحدة، وكأن
الاشكالات تتداخل وتتكامل،ليس فقط بغاية التقويم،وهذا تقزيم لوظيفة الفلسفة، بل من
أجل اعتماد الفلسفة كنمط من الوجود ما بعد البكالوريا بقدر الاستطاعة.فإذا كانت
الفلسفة طريقة خاصة في التفكير كما يقول هيغل، وأيضا الفلسفة طريقة في الانوجاد
الوجودي طيلة عمر الشخص، فهذا يعني أن الشخص مطالب طيلة حياته بممارسة التفكير
والفلسفة وبقية المواد ( الحقول المعرفية) تساعده في تفكيره وسلوكه.
فمتى ننهي العلاقة التقويمية حصريا بالفلسفة لتصبح نمطا من الوجود ملازما
لوجود الشخص.قد يبدو هذا حلما ولكنه مشروع وممكن،علما أن مطلب أرضنة
الفلسفة مطلب كل الفلاسفة الباخثين الفلسفيين، ولنجعل من مرحلة الثانوي التأهيلي
بداية خطوات أرضنة الفلسفة.
كم أفرح حين ألتقي ببعض تلامذتي القدامى ويصرحون بأن بعض ما تعلموه في مادة
الفلسفة لازال ملازم لحياتهم كنمط وجود .
متى يتم مقاومة التشابه والتنميط؟
هكذا أحلم ومازلت، بدليل مرور قرابة سبع سنوات على تقاعدي ولازلت مؤمنا بالحلم
وأحاول جاهدا جعله مثل العدوى او نوع من التلقيح ضد التفاهة والبلاهة وأخطار
الاستلاب.فكل المواد التعليمية بالثانوي التأهيلي تتظافر لتسليح وتلقيح المتعلمين
حاليا والمواطنين في مختلف المسؤوليات ...ضد ما يحعلهم عبيدا فاقدي إنسانيهم وخاصة
في زحمة الرأسمالية التي تفترس كل ما هو جميل في الانسان.
فرفقا بالطبيعة
والثقافة وما الانسان والفاعلية البشرية والابداع ...فهي ليست مجرد هوامش فلسفية
تقاس بمعيار المراقبة المستمرة،بل هي رهان يجد فيه المتعلمون وجودهم وهم ينعمون
بالبرنامح الفلسفي للثانية بكالوريا.
نعم هناك أعطاب
ديداكتيكية ومعرفية،لكن مقاومتها وتحسينهاا وتجويدها أفضل من البكاء على وجودها
كواقع.هناك عدة بدائل ممكنة، والوزارة الوصية تضع كل البرامج بين أيدي المدرسين
،وهناك هوامش من الاجتهاد في أفق أن يطرح المدرسون من خلال مؤسسات حزبية ونقابية
وجمعوية بدائل ممكنة وإمكانية تغيير موازين القوى ليس بمستحيل.
لنحاول انتزاع الممكن
من المستحيل .
0 التعليقات:
more_vert