متى سنبدأ الإستئناف الفلسفي بجدية وحزم ؟

التصنيف

 



متى سنبدأ الإستئناف الفلسفي بجدية وحزم ؟
بوح ربما سيزعج البعض.



طيب، لنقبل بأن ممارسة الفلسفة هي من حيث المبدأ ،اشتغال باللسان الطبعي على إنتاج خطاب له مقتضياته نسميه نحن المدرسين أدوات فعل التفلسف، من حيث هي تٌميز الخطاب الفلسفي عن غيره من أنواع الخطابات، سواء من حيث الأشكلة أو المفهمة أو المنظور ... السؤال ،هل الذين يتملّكون أدوات فعل التفاسف، قادرون على إنتاج خطاب فلسفي ،أم أن تلك الأدوات هي مجرد وسائط " بيداغوجية " تسعى إلى تعليم الفلسفة والتعريف بها وليس إنتاج الخطاب الفلسفي كما أبدعه الفلاسفة منذ أفلاطون؟ إذن، كيف كان الفلاسفة يفكرون وبأية وسائط منهجية ومرجعة وبأية غاية، وهل بالفعل أن تاريخ الفلسفة هو تدوير لنفس الإشكالات التي فكّر فيهل مختلف الفلاسفة لكن من منظور ما يمثلونه من اختلاف غكري أو مذهبي ويسميه البعض مدرسي؟ وكيف يستقيم هذا التعدد والتنوع والاختلاف بين الفلاسفة؟ وكيف نفسر استمرار فلسفستهم بالرغم من كل التطور النوعي غي مختلف مناحي الحياة والعلوم، وكأني أشير إلى إشكال الثابت والمتحول وفي الفلسفة كشكل من أشكال الوعي الإنساني؟
طرحتٌ في إحدى مقالاتي السؤال التالي، بالرغم من المعرفة الجيد لكل من عبد الرحمان بدوي ويوسف كرم بتاريخ الفلسفة أي بفبسفة الفلاسفة،إلا أنهما لم يتوفقا في أن تجعلهم فلاسفة،وأستطيع التجرؤ على القول إن معرفة نيتشه أو قبله كانط لم تكن في مستوى معرفة كل من عبد الرحمان بدوي ويوسف كرم الدقيقة بتفاصيل بعض الفلاسفة المغمورين، والذين كان لهم بعض التأثير على بعض الفلاسفة من أمثال " مين دوبيران" على هيجل؟ وبالمقابل، كيف نفسر أن مدرسي مادة الفلسفة بالثانوي والجامعي لم تسعفهم معرفتهم الفلسفية الواسعة إنتاج خطاب فلسفي بالمعنى الكانطي أو الديكارتي أو الهيدغري؟؟؟ البعض يحاول الهروب إلى الأمام بالقول إن الأنساق الفلسفية التقليدية لم تعد تناسبب مع تشظي وانفجار الواقع الراهن، وأن الكتابات الفلسفية الشذرية هي المناسبة؟؟؟؟؟
إذن هل امتلاك القدرة على إنتاج الخطاب الفلسفي موهبة أم قدرة على الإبداع والتميز ؟ لكن إذا صح الزعم بأن زمن الأنساق الفلسفية قد ولى، فلماذا نحتاجها في الإستفادة والتحليل والتفسير والشرح؟وهل ستتحول تلك الكتابات الفلسفية الشذرية إلى جزء من تاريخ الفلسفة، أن بطبيعة شذريتها ستكون أشبه بمقالات فلسفية لن تقوى على الصمود أمام جدية وتفوق الأنساق الفلسفية التقليدية مستقبلا؟
هاته الأسئلة المزعجة والمستفزة أطرحها على نفسي، ما المانع بعد قرابة أربعة عقود من مصاحبة الفلسفة تدريسا واطلاعا من أن أقترب من مملكة الفلاسفة الذين صاحبتٌ الكثير منهم؟هل المشكل في الوسائط البيداغوجية والديداكتيكية التي تدمج قضايا وإشكالات وأهداف ليست بالضرورة من مملكة الفلسفة بل من اهتمامات المؤسسة التعليمة، ويتم توظيف أو اسغلال تدريس الفلسفة لغايات غير فلسفية كما في ديباجة التوجيهات التربوية؟ هل معرفتي بالفلاسفة تقتصر فقط على النصوص المٌدرّسة وليس الاطلاع على المثون؟ من منا سمحت له ظروف العمل المطالعة الفلسفية  الحرة بعيدا عن البرنامج الفلسفي؟ وبالتالي كيف لمن تبقى معرفته الفلسفية حبيسة نصوص المقررات  والكتب المدرسية أن يلج المملكة الفلسفية؟ وهل تشجع  الأطر المرجعية على الدخول إلى المعترك الفلسفي، وليس التوظيف الفلسفي لأهداف ليست بالضرورة فلسفية وتخضع لرهانات تحددها الطبقة السائدة والكتاب الأبيض واضح لنفهم الغاية من تدريس الفلسفة وربما المشكل في الأصل : الميثاق الوطني للتربية والتكوين؟

ولكن، أليس المشتغلون بالفلسفة في الثانوي والعالي يمكنهم التفكير فلسفيا خارج وباسقلال عن إكراهات المؤسسة التعليمية ومقتضياتها البيداغوجية والديداكتيكية؟ وهل توجد منابر فكرية تشجع على إنتاج وإبداع المقاربات الفلسفية سواء تعلق الأمر بالمقالات أو التأليف؟ وهل توجد مكتبات تعرض الإنتاجات الفلسفية وأتأسف على مصير فضاء مكتبات الحبوس بالدار البيضاء، وهجر مكتبة الأمنية بالرباط وغيرها من المكتبات في المدن الكبيرة.

يتم الحديث راهنا ويتم الرهان على أرضنة الفلسفة في الفضاء العمومي، بهدف تحرير الفلسفة من المتعالي الفلسفي ومن النزعات البيداغوجية المٌغلقة، وتتم العملية بأسماء مختلفة، منها : الفلسفة التطبيقية، فلسفة الفعل، الفلسفة الجديدة، التداوي بالفلسفة، الطمأنينة الفلسفية، الفلسة فنا للعيش، الفلسفة واليومي الفلسفة والحاضر ...؟؟؟ ربما في أفق فكّ الإنحباس الذي تعرفه الفلسفة وتراجع تأثيرها في مجتمع تزحف عليه موجات من التفاهة واللامبالاة والإنعزالية والتطبيع مع مختلف الأزمات. هذه الأرضنة التي في طريق الميلاد، تعرف هي الأخرى تعثرا ومضايقة تتعدد أشكالها وفاعليها، بدليل أن الجمعيات الفلسفية والندوات الفلسفية " المخملية" هي الأخرى فشلت في أرضنة الفلسفة في الفضاء العمومي،وأن منسوب التفكير الفلسفي يعرف حالى من الجفاف والفقر لم يسبق له مثيل. فما العمل ياسادة؟

شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: