مناقشة رهانات الدرس الفلسفي في التعليم الثانوي التأهيلي بالمغرب.
نموذجان من مؤلفات جادة اهتمت بالدرس الفلسفي لكنها لم تلق حظها من التحليل والمناقشة وسط زحمة انتقاد الدرس الفلسفي من دون سند وثائقي.
نموذجان من مؤلفات جادة اهتمت بالدرس الفلسفي لكنها لم تلق حظها من التحليل والمناقشة وسط زحمة انتقاد الدرس الفلسفي من دون سند وثائقي.
أصبح من البدهي أن حضور الفلسفة في المدرسة يمر عبر منهاج يعمل على " تحويل معرفة معينة إلى مادة مدرسية (مهج 1996) " لغاية تحقيق أهداف محددة حسب طبيعة المرحلة التي يتم فيها تنزيل المنهاج أو تحيينه. ومن ثمة فالفلسفة كباقي أنواع التفكير الأخرى يتم تحويلها إلى مادة مدرسية، ومن ثمة تخضع لمقتضيات بيداغوجية وديداكتيكية ضمن أهداف وغايات ترسمها وتحددها الجهة المسؤولة عن العملية التعليمية ،وفي حدود ما، الأخذ باستشارات بعض الأطر التدريسية والمراقبة التربوية وباحثين جامعيين.... كما هو الشأن في الكتاب الأبيض .
السؤال، ما مدى إخلاص هذا التحويل للفلسفة إلى مادة دراسية ، لروح ورهان التفكير الفلسفي كما أنتجه الفلاسفة ووثقوه في متونهم، وهذا أيضا ينسحب على مختلف العلوم الإنسانية التي تحضر في مادة الفلسفة، وسيتبيّن لاحقا طبيعة حضورها في الدرس الفلسفي.
حسب ديباجات كل منهاج وفق مرحلته، تركز على " أن المنهاج لا بد أن ينطلق أولا من خصائص الفلسفة... وأن موضوعات المقرر الدراسي لمادة الفلسفة " تتيح خلق الاهتمام لدى المتعلم بالقضايا الفلسفية، وانخراطه، على نحو أيسر وأنجع، في ممارسة التفكير الفلسفي في هذه القضايا وانطلاقا منها. كما تُتيح تحقيق التوازن بين تعلم آليات التفكير الفلسفي ومضامينه."(مهج 1996).
قد يبدو أن هذا المنطلق عام ولا يحدد بالتدقيق الخلفيات والرهانات التي يسعى المنهاج إلى تحقيقها بالإخلاص للفلسفة من دون أن تفقد " هويتها" .لكن في لحظة بعدية ، نجد الكشف عن رهان المنهاج من تحويل الفلسفة إلى مادة مدرسية. يجب الآخذ بعين الاعتبار " خصائص الفكر الفلسفي المتمثلة أساسا في الحرية بما تتضمنه من اتخاذ مسافة من البداهات السائدة والأحكام المسبقة من الأهواء وعنفها، ومن ثم فالفلسفة موقف للوعي أكثر منه معرفة بالمعنى الوضعي.فجوهر الفلسفة يكمن في عودة الوعي إلى ذاته ، واتخاذ الموقف النقدي من المعرفة الجاهزة، ومساءلتها، وتأمل تجربة الحياة المعيشية وإخضاعها للفحص والتحليل. وترتبط بذلك النظرة التركيبية الشمولية، والتعامل مع الآخرين على أساس الحوار والتواضع والتسامح والمسؤولية، والدقة والصرامة والوضوح في التفكير"(مهج 1996)
ومع ذلك تبقى هذه الرهانات شعارات ما لم يتم تنزيلها في الممارسة التدريسية.وهنا تأتي ضرورة العملية البيداغوجية والديداكتيكية في علاقتها بالنصوص الفلسفية وبإبداعات المدرس في بناء الدرس الفلسفي مع مراعات كل المعطيات الفلسفية والبيداغوجية المترابطة والمتشابكة من منطلق مبدأ " تحويل الفلسفة إلى مادة مدرسية".
ولهذا يتم التصريح في كل المناهيج على ضرورة تعالق الفلسفة مع المطلب البيداغوجي والديداكتيكي، لأننا بصدد مُتلقِِ تربطه بمدرّسه علاقة تدريسية تقتضي وسائل وآليات لربط الصلة بين المتلعم ومادة الفلسفة ." إن الفلسفة تحمل بيداغوجيا خاصة بحكم طبيعتها الحوارية الصريحة والمضمرة.إذ أن كل خطاب فلسفي يفترض متلقيا يسعى إلى إقناعه وإشراكه في التسليم بفرضياته وقبول نتائجه والانخراط في منطقه.لذلك يحمل الخطاب الفلسفي بعدا بيداغوجيا تعليميا ( التعريف، التمثيل، البرهنة، المحاجة، النقد...) غير أن التحويل المدرسي للخطاب الفلسفي يقتضي أيضا، بالنظر إلى مواصفات التلميذ المتلقي له وإلى الشروط المؤسسية للمدرسة، استثمارا التقنيات البيداغوجية والديداكتية التي توفرها العلوم والدراسات الإنسانية المتعلقة بطرق التعليم- التعلّم بصفة عامة، ووبطرق تعليم الفلسفة وتعلمها بصفة خاصة."(مهج 1996)
في هذه الحلقة الأولى من سلسلة التفكير بموضوعية في الدرس الفلسفي والعمل على تجديده وتطويره وتنميته، أسأل، ما الذي قد يبدو في التقديم أعلاه ومن خلال أهم رهانات منهاج 1996، وهو ذاته حاضر في كتاب التوجيهات...2007،أنه تعطيل للفلسفة بل وقتلها لأن حضورها في المؤسسة يُضيّق عليها الخناق، كما يزعم منتقدي وضعية الدرس الفلسفي،لهذا يطالبون بتحرير الدرس الفلسفي من سلطة المؤسسة وفتحه على الحياة وحرية التفلسف من دون إخضاعه لأجراءات بيداغوجية، وغالبا ما يتم توظيف " النزعة البيداغوجية " بمعناها التضييقي والتقنوي.
المطلوب مناقشة حجج الطرفين اتنازعين حول طبيعة حضور الدرس الفلسفي في المؤسسة( طرف رسمي وهو المطروح في الورقة أعلاه، ومواقف تنتشر في كثير من المنابر تزعم امتلاكها وصفة غير مدرسية لإنعاش الفلسفة والتفلسف خارج أسوار المدرسة. الطرف الثاني يمثله بعض مدرسي الفلسفة وعدد من المؤطرين التربويين الذي يمتهنون البحث الفلسفي الحر كهواية،موازية وظيفة التدريس، ويرفضون الخوض المساهمة في مناقشة وضعية الدرس الفلسفي بالرغم من أنهم مُلزمون إداريا وأخلاقيا من منطق وظيفتهم المساهمة في "الإلتزام" بالمناهج( حتى لانسقط في " كلّ يلغي بلغاه" ،والعمل على الإبداع والتجديد والتحيين كما تسمح به المناهج ذاتها ومن خلال ديباجات الكتب المدرسية، وهي لسيت وصفات جاهزة كما يعتقد البعض، وغالبا ما لا يطلعون على مرونتها...إذن مطلوب منهم المساهمة في تطويرها وتنميتها وليس انتقادها من دون تقديم بديل. وهل الحل هو إهمال تطوير الدرس الفلسفي والاكتفاء بالشكوى أو البحث عن الحل خارج المؤسسة المدرسية من قبيل البحث والتأليف الفلسفي؟ هذا عمل مواز للتدريس وأكيد له أهميته، ولكن إعطاء الدرس الفلسفي حقه من التنظيروالاقتراح والبحث عن حلول عملية، واجب مهني وأخلاقي.
المطلوب مناقشة حجج الطرفين اتنازعين حول طبيعة حضور الدرس الفلسفي في المؤسسة( طرف رسمي وهو المطروح في الورقة أعلاه، ومواقف تنتشر في كثير من المنابر تزعم امتلاكها وصفة غير مدرسية لإنعاش الفلسفة والتفلسف خارج أسوار المدرسة. الطرف الثاني يمثله بعض مدرسي الفلسفة وعدد من المؤطرين التربويين الذي يمتهنون البحث الفلسفي الحر كهواية،موازية وظيفة التدريس، ويرفضون الخوض المساهمة في مناقشة وضعية الدرس الفلسفي بالرغم من أنهم مُلزمون إداريا وأخلاقيا من منطق وظيفتهم المساهمة في "الإلتزام" بالمناهج( حتى لانسقط في " كلّ يلغي بلغاه" ،والعمل على الإبداع والتجديد والتحيين كما تسمح به المناهج ذاتها ومن خلال ديباجات الكتب المدرسية، وهي لسيت وصفات جاهزة كما يعتقد البعض، وغالبا ما لا يطلعون على مرونتها...إذن مطلوب منهم المساهمة في تطويرها وتنميتها وليس انتقادها من دون تقديم بديل. وهل الحل هو إهمال تطوير الدرس الفلسفي والاكتفاء بالشكوى أو البحث عن الحل خارج المؤسسة المدرسية من قبيل البحث والتأليف الفلسفي؟ هذا عمل مواز للتدريس وأكيد له أهميته، ولكن إعطاء الدرس الفلسفي حقه من التنظيروالاقتراح والبحث عن حلول عملية، واجب مهني وأخلاقي.
وكما قال أحد أصدقائي " هاتوا دروسكم إن كنتم صادقين".
والحالة هذه يجب طرح مجموعة من التساؤلات المتعلقة بكيفية التنزيل العملي لحظة بناء وتقويم الدرس الفلسفي.
1- لحظة التهييئ الكلي لمجزوءة معينة، والمدرس بصدد إعداد " جذاذة "، هل يتعلق الأمر باستحضار الإشكالات والأطروحات المناقشة لها عبر توظيف النصوص بشكل إلقائي على غرار وصفات الطبخ، ومن ثمة رهن العملية التعلمية بما هو معرفي محض لغرض تقويمي جزائي أم تقتضي الضرورة توظيف ما هو مقرر ،بعد تملّكه معرفيا ، في تحقيق بعض من الرهانات التي تربط الدرس الفلسفي بواقع التلميذ وبذاته هو، كي تتعدى وظيفة الدرس الفلسفي ما هو معرفي لذاته ،إلى ما هو منهجي يسمح للمتعلم بممارسة التفكير الفلسفي باعتماده على نفسه؟
2- السؤال كيف ومتى وضمن أية مرحلة من التدريس يتم توظيف الدرس الفلسفي في تنمية شخصية المتعلم ودفعه إلى ممارسة التفكير الفلسفي؟ كيف يعمل مدرس مادة الفلسفة على أجرأة ممارسة التفكير الفلسفي من خلال الاشتغال على تفكير الفلاسفة في قضايا المجزوءات ؟ ما اسم الوحدة داخل الجذاذة تهتم بدفع التلميذ إلى التفلسف؟ أم أن التفلسف ثاو في العملية التدرسية من خلال تحليل النصوص أو نقاش مفتوح من خلال التفكير في إشكالية محددة (وليس دائما اشتراط اشتتغال على النصوص بحجة تعدد إمكانية ممارسة فعل التفكير الفلسفي...، علما أن من بين الكفايات المطلوب تحققها انفتاح المتعلم في درس الفلسفة على معيشه اليومي.نقرأ في كتاب التلميذ مثلا ، في رحاب الفلسفة السنة أولى بكالوريا.مسلك الآداب والعلوم الإنسانية. الصفحة6.الكفاية الثامنة.نقرأ :"تعزيز القدرة على تحويل المكتسبات لمعالجة إشكالات نظرية أو قضايا ملموسة متصلة بحياة المتعلم والمتعلمة ، الفردية والمجتمعية."
السؤال كيف تتم أجرأة هذه الكفاية لحظة الاشتغال على بناء الدرس الفلسفي، وكيف يتم تقويمها والتأكد من تحققها ؟
3- بالعلاقة مع ما سبق، نلمس المسارات المتعددة للدرس الفلسفي، وهي مسارات معقدة تجمع بين البعد المعرفي الفلسفي والبيداغوجي والديداكتيكي ( واللمسة الخاصة بللمدرس ومقدرته على ترغيب المتعلمين في التفكير الفلسفي، من خلاله كفاءته وطبيعة حضوره الجسدي والسلوكي...) وبين تحويله إلى قدرة على التفلسف كفعل واقعي ينصب على ذات المتعلم وعلى واقعه المعيشي.لكن المشكلة ليس في التصريح بما يجب أن يكون بل في كيفية تصريف هذا الفعل بيداغوجيا، ومن خلال أسئلة بيداغوجية (صفيّة ) تُعالق بين المعرفي وممارسة الفعل الفلسفي إجرائيا عبر وسائط بيداغوجية ( وهل يمكن تدريس الفلسفة بدون وسائط بيداغوجية، وم سبب الحساسية المفرطة تجاه الوسائط البيداغوجية.هناك مفكرون كبار في مجال الفلسفة يدرسون البيداغوجيا في مراكز مهن التربية والتكوين) وليس نظريا كأن نُنتج خطابا حول النقد من دون ممارسة النقد فعليا على موضوعات وظواهر تحضر في الفصل للبث فيها بعد استكمال مُقتضيات الدرس الفلسفي المعروفة.
4- وبالتالي ليس المطلوب حصر الدرس الفلسفي في تلقين " المعرفة الفلسفية"بطريقة إلقائية جاهزة ( وهذا لا تدعو له الأطر المرجعية بتاتا،الأمر الذي يسائلنا جميعا من المسؤول عن تحويل الدرس الفلسفي إلى حصة للإملاء المطول ، وكثير من المتعلمين يفضلون الإملاء بغاية الحفظ وليس الفهم، استعدادا للإمتحان الوطني" ومريضنا ما عندو باس"!!!!) ، وإنما من خلال التفاعل مع إشكالات وقضايا الدرس، نترك فسحة للمتعلم كي يحقق بعض رهانات الدرس الفلسفي.لكن نعود لنفس الإشكال المنهجي:كيف تتم عملية أجرأة تحقق هذه الرهانات في " الجذاذة المتعلقة بالتحضير الكلي للمجزوءة"، باعتباره تخطيطا يرسم استراتيجية بناء الدرس الفلسفي وما يتطلبه من مقتضيات فلسفية وتفلسفية.مثلا ما المطلوب من مدرس مادة الفلسفة أن يوثقه في جذاذته من خلال الرهانات التالية"" ...يضع المنهاج أمام التلميذ والتلميذة إمكانية تعلم وممارسة التفكير المستقل عبر السؤال والمساءلة والتحليل والنقد قبل القبول والإقرار، وتعلم وممارسة اتخاذ القرار بحرية واختيار، وتعلم التحرر من السذاجة الفكرية والعاطفية ومن الآحكام والآراء المسبقة والتعصب، والانعتاق من حجة السلطة، ومن سلبية التلقي التي تضعه فيها وسائل الإعلام وخاصة منها البصرية المعتمدة على الصورة.ويعني ذلك أيضا تعلم الشجاعة في استخدام العقل وفي التعبير عن الرأي المدعوم بجج، وتحمل المسؤولية تجاه الذات وتجاه الغير والجماعة، والارتقاء بالسلوك والتعامل من مستوى الاندفاع والعنف إلى مستوى التحكم الواعي والقصدي والموجه للقيم الإنسانية الكونية، ومن الذاتية المنغلقة الإقصائية إلى التبادل والمشاركة والانفتاح القائم على الاحترام والتسامح والحوار والتواصل على أساس قيم الخير والحق والجمال.(منج.2007.ص)
والحالة هذه يجب طرح مجموعة من التساؤلات المتعلقة بكيفية التنزيل العملي لحظة بناء وتقويم الدرس الفلسفي.
1- لحظة التهييئ الكلي لمجزوءة معينة، والمدرس بصدد إعداد " جذاذة "، هل يتعلق الأمر باستحضار الإشكالات والأطروحات المناقشة لها عبر توظيف النصوص بشكل إلقائي على غرار وصفات الطبخ، ومن ثمة رهن العملية التعلمية بما هو معرفي محض لغرض تقويمي جزائي أم تقتضي الضرورة توظيف ما هو مقرر ،بعد تملّكه معرفيا ، في تحقيق بعض من الرهانات التي تربط الدرس الفلسفي بواقع التلميذ وبذاته هو، كي تتعدى وظيفة الدرس الفلسفي ما هو معرفي لذاته ،إلى ما هو منهجي يسمح للمتعلم بممارسة التفكير الفلسفي باعتماده على نفسه؟
2- السؤال كيف ومتى وضمن أية مرحلة من التدريس يتم توظيف الدرس الفلسفي في تنمية شخصية المتعلم ودفعه إلى ممارسة التفكير الفلسفي؟ كيف يعمل مدرس مادة الفلسفة على أجرأة ممارسة التفكير الفلسفي من خلال الاشتغال على تفكير الفلاسفة في قضايا المجزوءات ؟ ما اسم الوحدة داخل الجذاذة تهتم بدفع التلميذ إلى التفلسف؟ أم أن التفلسف ثاو في العملية التدرسية من خلال تحليل النصوص أو نقاش مفتوح من خلال التفكير في إشكالية محددة (وليس دائما اشتراط اشتتغال على النصوص بحجة تعدد إمكانية ممارسة فعل التفكير الفلسفي...، علما أن من بين الكفايات المطلوب تحققها انفتاح المتعلم في درس الفلسفة على معيشه اليومي.نقرأ في كتاب التلميذ مثلا ، في رحاب الفلسفة السنة أولى بكالوريا.مسلك الآداب والعلوم الإنسانية. الصفحة6.الكفاية الثامنة.نقرأ :"تعزيز القدرة على تحويل المكتسبات لمعالجة إشكالات نظرية أو قضايا ملموسة متصلة بحياة المتعلم والمتعلمة ، الفردية والمجتمعية."
السؤال كيف تتم أجرأة هذه الكفاية لحظة الاشتغال على بناء الدرس الفلسفي، وكيف يتم تقويمها والتأكد من تحققها ؟
3- بالعلاقة مع ما سبق، نلمس المسارات المتعددة للدرس الفلسفي، وهي مسارات معقدة تجمع بين البعد المعرفي الفلسفي والبيداغوجي والديداكتيكي ( واللمسة الخاصة بللمدرس ومقدرته على ترغيب المتعلمين في التفكير الفلسفي، من خلاله كفاءته وطبيعة حضوره الجسدي والسلوكي...) وبين تحويله إلى قدرة على التفلسف كفعل واقعي ينصب على ذات المتعلم وعلى واقعه المعيشي.لكن المشكلة ليس في التصريح بما يجب أن يكون بل في كيفية تصريف هذا الفعل بيداغوجيا، ومن خلال أسئلة بيداغوجية (صفيّة ) تُعالق بين المعرفي وممارسة الفعل الفلسفي إجرائيا عبر وسائط بيداغوجية ( وهل يمكن تدريس الفلسفة بدون وسائط بيداغوجية، وم سبب الحساسية المفرطة تجاه الوسائط البيداغوجية.هناك مفكرون كبار في مجال الفلسفة يدرسون البيداغوجيا في مراكز مهن التربية والتكوين) وليس نظريا كأن نُنتج خطابا حول النقد من دون ممارسة النقد فعليا على موضوعات وظواهر تحضر في الفصل للبث فيها بعد استكمال مُقتضيات الدرس الفلسفي المعروفة.
4- وبالتالي ليس المطلوب حصر الدرس الفلسفي في تلقين " المعرفة الفلسفية"بطريقة إلقائية جاهزة ( وهذا لا تدعو له الأطر المرجعية بتاتا،الأمر الذي يسائلنا جميعا من المسؤول عن تحويل الدرس الفلسفي إلى حصة للإملاء المطول ، وكثير من المتعلمين يفضلون الإملاء بغاية الحفظ وليس الفهم، استعدادا للإمتحان الوطني" ومريضنا ما عندو باس"!!!!) ، وإنما من خلال التفاعل مع إشكالات وقضايا الدرس، نترك فسحة للمتعلم كي يحقق بعض رهانات الدرس الفلسفي.لكن نعود لنفس الإشكال المنهجي:كيف تتم عملية أجرأة تحقق هذه الرهانات في " الجذاذة المتعلقة بالتحضير الكلي للمجزوءة"، باعتباره تخطيطا يرسم استراتيجية بناء الدرس الفلسفي وما يتطلبه من مقتضيات فلسفية وتفلسفية.مثلا ما المطلوب من مدرس مادة الفلسفة أن يوثقه في جذاذته من خلال الرهانات التالية"" ...يضع المنهاج أمام التلميذ والتلميذة إمكانية تعلم وممارسة التفكير المستقل عبر السؤال والمساءلة والتحليل والنقد قبل القبول والإقرار، وتعلم وممارسة اتخاذ القرار بحرية واختيار، وتعلم التحرر من السذاجة الفكرية والعاطفية ومن الآحكام والآراء المسبقة والتعصب، والانعتاق من حجة السلطة، ومن سلبية التلقي التي تضعه فيها وسائل الإعلام وخاصة منها البصرية المعتمدة على الصورة.ويعني ذلك أيضا تعلم الشجاعة في استخدام العقل وفي التعبير عن الرأي المدعوم بجج، وتحمل المسؤولية تجاه الذات وتجاه الغير والجماعة، والارتقاء بالسلوك والتعامل من مستوى الاندفاع والعنف إلى مستوى التحكم الواعي والقصدي والموجه للقيم الإنسانية الكونية، ومن الذاتية المنغلقة الإقصائية إلى التبادل والمشاركة والانفتاح القائم على الاحترام والتسامح والحوار والتواصل على أساس قيم الخير والحق والجمال.(منج.2007.ص)
وحتى لا تبقى هذه الرهانات خطابات حول ما يجب أن يكون، علينا التداول في تنزيلها لحظة بناء الدرس الفلسفي، وليس مطلوب من الوزارة الوصية تقديم وصفات جاهزة للمدرسين ( في المنهاج والكتب المدرسية) كي ينجزوا دروسهم.هنا نقف على مدى اجتهادات مدرسي الفلسفة في إبداع آليات تحقق الرهان الفلسفي من خلال تجربة الفلاسفة أنفسهم ونحن نحلل نصوصهم أو طرح بعض الإشكالات ، أو موظفين صورا أو أشرطة ...والمفارقة أن عددا من منتقدي الدرس الفلسفي يستخدون في نقدهم حجة سطحية الدرس الفلسفي وسقوطه في النزعة البيداغوجية التي أفرغته من جوهره الفلسفي من خلال ما ورد قي ديباجات المناهيج وكأني بهم لم يطلعوا عليها، وهذه مفارقة غير مفهومة....طيّب، ما رأيهم في الرهانات أعلاه والتي طرحتها " المؤسسة" التي مأسست الدرس الفلسفي،وما دليلهم على كون المؤسسة تقوم بهدم وتفريغ الدرس الفلسفي من حمولته النقدية ومن قدرته على دفع المتعلمين إلى ممارسة التفكير الفلسفي؟ أتمنى أن نسائل الأطر المرجعية التي اقتطفتٌ أجراء منها، ونتدول فيما يوجد أنه تدجين للدرس الفلسفي وهدمه؟
لهذا تقتضي الضرورة، إحراج المنتقدين، بمطالبتهم تقديم نموذج لدرس فلسفي من دون اعتماد الأطر المرجعية أعلاه من منطلق " مُخاصمة " المؤسسة ورهانها على تدجين الدرس الفلسفي!!!لهذا تزخر العديد من الندوات بعناوين " غليظة" من قبل الفلسفة والحداثة، الفلسفة والقيم، الفلسفة والتسامح، هل نحن في حاجة إلى الفلسفة،الفلسفة وتنمية الإنساني، الفلسفة وحقوق الإنسان،فلسفة المعيش المشترك.....تعالوا نفكر مع المتعلمين في هذه القضايا والإشكلات من خلال ما يتيحه الدرس الفلسفي ،وأعتقد أن مختلف مجزوءات المقررات الفلسفية تسمح بهذا الانقتاح على القضايا السابقة.
أشك في أن بعض الباحثين والمدرسين يُتاجرون ب" أزمة الدرس الفلسفي"، ويمررون أبحاثهم " البكائية" على الدرس الفلسفي من أجل الكسب والشهرة،والتشهير بمدرسي الفلسفة الذين يقاومون في الظل، وعوض أن ينتقل المنتقدون للدرس الفلسفي، من مستوى التشخيص والنقد، إلى مستوى الإصلاح واقتراح بدائل،يتم خلق وهم " أزمة الدرس الفلسفي".نعم هناك مشاكل وصعوبات تعترض إنجاز الدرس الفلسفي، وهي أعطاب من مختلف الأطراف المشاركين في العملية التعليمية، وعلى رأسها " المؤسسة" من خلال إخضاع جميع المواد الدراسية لرهانات " الميثاق الوطني للتربية والتكوين" المشؤوم، والذي أخضع كل المنظومة التعليمية لسوق الشغل من خلال شعار " ربط المؤسسة بمحيطها". العقلاء لا يُجادلون في خطور خلفية الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمُؤسَّسة على خلفية " اقتصاد السوق " وأكيد أن المقاربة بالكفايات توظف لهذا الغرض.....وهناك أعطاب تتعلق بعدد من مدرسي مادة الفلسفة ( مشاكل استكمال التكوين والتكوين نفسه)....وهيئة التأطير التربوي( قصور في التواصل التكويني وتحاشي إنشاء الفرق التربوية لما لها من أهمية ..)...وبعض أعطاب التكوين في مراكز مهن التربية والتكوين.....
ولكن هل نقف عند تشخيص العراقيل أم نعيها ونعمل على مقاومتها من داخل المؤسسة مستغلين المثل المغربي " من لحيته لقّم له".الإخلاص لروح الفلسفة لحظة بناء الدرس الفلسفي مسؤولية المدرس، وكفاءته في تطويع الأطر المرجعية لما يخدم الرهان الفلسفي ولا يوجد بالقسم " شرطي بيداغوجي" يُملي عليه ما قد نعتبره وصاية " المؤسسة" بالرغممن أن احترام مقتضياتها أمر مُلزم فيأطار توحيد الوفاء للدرس الفلسفي...وقد أغمز لخصوم الفلسفة الذاتيين بالرغممن قلتهم والذين قد يستغلوا نقد المؤسسة ليمرروا.....والقضية تعرفونها.
وحتى نكون إجرائيين.نبدأ بأجرأة ما طرحناه أعلاه من خلال مختلف المجزوءات.فما هي اقتراحاتكم فيما يخص آليات الوفاء للدرس الفلسفي بشروطه الفلسفية المعروفة من دون افتعال خصام بين الفلسفة والوسائط البيداغوجية، تدريس ما تم التعاقد عليه على أنه جوهرالفلسفة من خلال وسائط بيداغوجية وديداكتيكة( وهل من الممكن تدريس الفلسفة من دون وسائط بيداغوجية؟) لا تكون هدفا لذاتها بل وسائط تعمل على تعليم الفلسفة والتفلسف للمتعلمين هم في طور المراهقة.
وإلى حلقة أخرى مع حدسي أن مثل هذه الموضوعات يتم النفور منها، لهذا لا تلقَ الاهتمام الذي تستحقه، ولدي تجارب في هذا الموضوع على صفحتي في الفايسبوك،لأن مطلب " هاتوا دروسكم إن كنتم صادقين " تُقلق البعض وليس لدي تفسير بشأنها. ،وهذا إشكال آخر سأناقشه فيما بعد .المهم طرق باب وضعية الدرس الفلسفي لعلّ الحجر الذي رميته يُحرّك ساكنا.
0 التعليقات:
more_vert