من الأرشيف الفلسفي:التقويم الفلسفي، نظرة نقدية. قويدر عكري 1999

التصنيف


           
التقويم الفلسفي، نظرة نقدية
 قويدر عكري

القي هذا العرض بالأكاديمية الجهوية للشرق وجدة سنة 1999
في إطار ندوة نظمتها الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة


1 السند الفلسفي للتقويم
2التقويم الفلسفي في نظامنا التعليمي
أ_التقويم خارج فضاء الفلسفة
ب_التقويم داخل فضاء الفلسفة
3اعتباطية التقويم الإجمالي
4الاسس النظرية الفلسفية والبيداغوجية للسؤال الفلسفي .

1 السند الفلسفي للتقويم

    اذا كان الدرس الفلسفي ذا وظيفة تكوينية فان التقويم أداة من أدوات تحقيق أهداف هذا المستوى البيداغوجي ، انه فعل يبدأ حيث ينتهي فعل التدريس بالانتقال من مرحلة التحصيل إلى مرحلة التقويم بل يشكل في حقيقة الأمر وسيلة من وسائل التدريس المساوقة والموجه له.تستمد هذه الوظيفة أسسها من طبيعة الخطاب الفلسفي كما تبلور عند اليونان .فضلت الفلسفة اليونانية التعبير الحر عن ذاتها بواسطة الكلمة فكان الحوار المنظم الذي يجمع بين المعلم والمتعلم .هذا الحوار الذي أبدعه سقراط يعتمد كما نعرف جميعا على التهكم وادعاء الجهل كوسائل وعلى التوليد كمنهج فهو لا يقدم إجابات جاهزة بل إن سقراط اذا سئل يرفض الإجابة ويفعل كل شيء إلا أن يقدم جوابا بل يكتفي بتفنيد إجابة غيره .إن ادعاء الجهل من طرف سقراط عنصر أساسي في عملية خلق وضعية التكافؤ بينه وبين محاوريه .أما التهكم فهو إجراء يستهدف من خلاله تقويم مواقفهم بوضعها موضع النقد وبربطها بالسياق المطلوب.
   تظهر استمرارية هدا التقليد في الأهمية التي تعطى لدرس الفلسفة باعتباره خطابا وممارسة حية للكلمة وفي الحالة التي نحيط بها الإستاد كمالك لمعرفة من نوع خاص وكمفكر يمارس فعل الفلسفة أمام ومع المتعلمين. فمن المشروع التساؤل: كيف أصبح التقويم وبالتالي كتابة التلميذ هي الفعل الخاص به في مقابل الفعل الخاص بالإستاد الذي هو الدرس الفلسفي؟
  كيف تمظهر التقويم في الدرس الفلسفي عبر مختلف مراحله؟ما هي ايجابيات وسلبيات كل مرحلة؟ هل توصلنا إلى تحقيق أهداف الدرس الفلسفي من خلال كل أنواع التقويم التي عرفها الدرس الفلسفي في المغرب؟
   من الممكن وبدون شك تعلم التفلسف بواسطة النقاش والقراءة المنهجية، و الكتابات الحرة.لكن هذه الطرق لم يكن من الممكن قياسها بشكل دقيق مما أدى إلى التفكير في طريقة خاصة بالتلميذ تمكن المدرس من الرجوع إليها قصد تقويم ما حصله هدا التلميذ ، فكان الإنشاء الفلسفي باعتباره تقويما إجماليا حيث ظهر سنة 1864 لتلبية متطلبات جديدة أنداك وهي:
_الانتهاء من استظهار الأسئلة شبه الإلزامية والانتقال إلى الأسئلة المحددة بدقة.
_تمكين التلميذ من تشييد فكرة تبرز قدرته على ولوج الكوني باعتماد رصانة الكتابي الذي يفترض أكثر من الشفوي الدقة واتخاذ المسافة تجاه بدا هات اللغة وتسرع الأفكار والذاتية.
_تيسير استعراض المعارف تحليلا وتركيبا بشكل أدق في نص معبر بفنية عرضه بكلماته بنحوه بنظامه والتحكم في لغته وبالتالي تمثل ثقافة.
_ التمكن من وضع منهجية تتجاوز كل المعارف المختصة.
إن هذا بحق ليس امتياز الكتابي ولكن هذا الأخير يمكن في درجة عليا التفكير في الكاتب
والمصحح.هذه الوظائف الثقافية لا تحصر الإنشاء في حدود شكلية وضيقة فالحوار ومقاربة النص هي بدورها إنشاءات بمعنى عام مادام النص المستجيب لغايات مدرسية يلبي الأهداف الديداكتيكية.

2 التقويم الفلسفي في نظامنا التعليمي.

   كيف تم التعاقد مع التلميذ لانجاز كتابة معينة تدخل في صميم تقويم ما تعلمه؟ كيف تطور هذا التعاقد عبر تاريخ الدرس الفلسفي في المغرب؟
   من شأن هذه الالتفاتة السطحية إلى ريبرتوار تدريس الفلسفة في المغرب أن تكشف عن أهم المراحل التي قطعها التقويم الفلسفي في نظامنا التعليمي حيث سنعمل على استنطاق بعض ما توفر لدينا من الوثائق الرسمية التي تقنن مثل هدا العمل التربوي.

أ التقويم خارج فضاء الدرس .

لا حاجة الى التذكير بان التقويم مرتبط اشد الارتباط بمنهجية التدريس وان أي تغير فيها ينعكس غالبا عليها .
منذ تعريب الفلسفة في الستينيات عرف مقررها العديد من التغييرات والتي يمكن أن نحددها زمنيا كالتالي :
سنة 1965تعريب البرنامج الفرنسي لسنة 1962
    تغييرات حدثت بالتتابع سنوات 70/76ثم موسم 78/79 وموسم 81/82. ثم موسم 91/92 ثم 1996. كل هذه الهزات انعكست على مستوى التقويم الذي خضع بدوره إلى مجموعة من التغيرات حيث انتقلنا من الإنشاء الفلسفي إلى مطلب تحليل النص المرفق بسؤال إلى النص المرفق بأسئلة إلى النص المرفق بصيغة حلل وناقش والعودة إلى الإنشاء انطلاقا من صيغة السؤال المفتوح.
إن المذكرة 411المؤرخة بتاريخ 26فبراير 1974تشرع لوسائل العمل في شكلين :
طريقة التدريس
أعمال التلاميذ
في النقطة الأخيرة تشير الى مجموعة من الأنشطة كالندوات والعروض ثم الإنشاءات التي حددت أنداك في 10 إنشاءات للأدبيين و06 للعلميين في السنة.( حصص المادة كانت 8 ساعات أسبوعية للأدبيين و04 للعلميين).
الغريب في الأمر أن هذه المذكرة لم تشر إلى مواصفات التقويم وتقنياته والنتيجة كانت جد سيئة انعكست سلبا على مردود التلاميذ .كان التقويم يتم بطريقة عشوائية لا واقعية لا عقلية ذلك أن صياغة الأسئلة لم تكن تستند الى اعتبارات منهجية او تربوية إذ غالبا ما يتم اللجوء إلى أسئلة مسكوكة مقتبسة من الكتب أو أسئلة كرسها التقليد .في بحث أنجزه الاستاذ عبد المجيد الانتصار بمجلة الجدل أكد بعد تحليله لعينة لا باس بها لأسئلة هذه المرحلة إلى أن هذه الأسئلة كانت تتميز بالخصائص التالية:
إنها أسئلة لااشكالية
إنها غريبة
إنها مباشرة.
" فهي لااشكالية ..وحتى وان تكون إشكالية فإنها تكون غير واضحة" وعلى سبيل المثال الموضوع الذي يقول " تبتدئ الميتافيزيقا من حيث ينتهي العلم" يونيو 1965 أما غرابة المطلوب فنجدها في السؤال التالي " الساحر والعالم" يونيو 1967.( سميت بالأسئلة البهلوانية)إن المطلوب هنا هو المقارنة والتحليل .أما كونها مباشرة فنستدل بمجموعة من الأسئلة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر سؤال دورة يونيو 1965" اليقين في الرياضيات".فهل كان ما يطلب من التلميذ في هذه الموضوعات من تحليل ومقارنة وغيرهما يتناسب مع ما تعود عليه التلميذ في الفصل الدراسي , إذا أخدنا بعين الاعتبار أن الدرس كان آنذاك يعتمد على الطريقة الإلقائية؟
ما كان يطرح مناقض للمذكرة 174 لسنة 1976التي ألحت على تعويد التلميذ على طرح إشكاليات دقيقة تعينه على الفهم وزرع ملكة التحليل والنقد والتركيب في عقليته والدعوة إلى تجنب الأسئلة التي تستدعي الحفظ .
مع الشروع في تدريس الفكر الإسلامي سنة 1971تضمنت ورقة الامتحان بالإضافة إلى السؤالين في الفلسفة سؤال في الفكر الإسلامي.إن مقرر الفكر الإسلامي كان أنداك خضعا لمزاج وإيديولوجية المدرس الذي كان يقصي هدا الجزء من المقرر لكن سرعان ما تم تدارك هده الثغرة مع بداية موسم 1978/1979 حيث تمت برمجة الفكر الإسلامي في مستهل المقرر وجمعه ضمن كتاب واحد إلى جانب مقرر الفلسفة.
      نظرا لطول المقرر توجه التلاميذ إلى التركيز على الجزء الخاص بالفكر الإسلامي فالأمر كما كان يبدو أنداك لم يكن اختيارا مفروضا بل أن الاستاد نفسه لم يكن له مناص من الانقياد إلى الإغراء فهو أمام مقرر ضاغط مما جعله في مفترق الطرق , إما انجاز المقرر بأكمله بملامسة خجولة وأما الاقتصار على فقرة من فقرات المقرر والتركيز عليها على حساب أخرى لا يتم انجازها .
    لتجاوز الأسئلة الغامضة والتعامل البرجماتي مع المقرر صدرت مجموعة من المذكرات لإعادة النظر في ثغرات الماضي وهكذا جاءت المذكرة 243الصادرة ب30نوفمبر 1981 لتحديد مجموعة من الشروط والمواصفات التي يجب مراعاتها في اختيار السؤال التقويمي _ أن تختار الأسئلة بعناية
_الا تكون متداولة في الكتب والمجلات.
_أن تتصف بالجدة .
_أن لا تكون لها علاقة بأسئلة طرحت سابقا.
_أن لا يتم الاشتغال عليها داخل القسم.
    شهد موسم 87/88 صدور مجموعة من المذكرات التنظيمية التي اهتمت بمسالة التقويم منها المذكرات 87و157و32 والتي عملت عل توزيع سنوي للمقرر على 3 دورات بحيث ينجز كل جزء ضمن دورة معينة وحث الاساتدة على طرح أسئلتهم في مقرر الدورة وفي المقروء كما فعلت المذكرة 114التي أكدت على " ضرورة ارتباط الأسئلة بما أنجز في المقرر".
     شكلت المشاكل التربوية لامتحان الباكلوريا ولفترة معينة موضوع عدة أبحاث أنجزتها لجان مختصة عينتها الوزارة لهدا الغرض وهي أعمال وجدت لها أصداء في التقنيات الأخيرة لامتحانات الباكلوريا .دامت أعمال هده اللجنة 3سنوات إلى حدود نوفمبر1985 وقد ألحت هده اللجنة في تقريرها النهائي على الوقائع التالية:
1 إن عدم التناسب بين الأسئلة المعالجة داخل القسم والأسئلة التي تطرح في الامتحانات يؤدي إلى رسوب العديد من المترشحين.
2 إن الامتحان كما هو متصور ومنظم يعمد إلى مراقبة وتقويم معارف ومعلومات أكثر مما يعمل على تقويم القدرات الذهنية للمترشحين .
3 إن نتائج الامتحانات حسب هده اللجنة كانت تبين بجلاء أن التلاميذ ليسوا مسلحين بطريقة العمل.إنهم يميلون بالأحرى إلى استظهار الدروس لدا فهم يعولون على الذاكرة( أنا أقول على الحروز).
   لقد كان التقويم في هذه المرحلة تقويما إجماليا يتم على شكل امتحانات عند نهاية كل دورة دراسية وفي نفس الوقت يشير إلى ما يسمى بالمراقبة المستمرة. لقد كانت المراقبة المستمرة في هذه المرحلة تتخذ شكلين :فروض منزلية وفروض محروسة. انحصرت هذه الأخيرة في فرضين في كل دورة مع التركيز في هده الفروض على نفس مواصفات أسئلة الامتحانات الدورية .أما وظيفة هذه الفروض فكانت تتجه إلى " تهيئ التلميذ لاجتياز امتحانات الباكلوريا ".لقد كانت مثل هذه المراقبة تتخذ طابع التقويم التكويني مادامت نتائجها لا تحتسب في امتحانات الباكلوريا وكانت تتم خلال الدورة الدراسية.
   أما المذكرة 109فقد نصت على توزيع فروض المراقبة وأكدت في نفس الوقت على ضرورة نسخ مواصفات سؤال الامتحان وبالتالي انحصارها في شكل الإنشاء أو الامتحان المقالي.

3 التقويم داخل فضاء الدرس .

    عرف الدرس الفلسفي كما هو معروف تغييرات مهمة منذ الموسم الدراسي 91/92( الفلسفة تتحرك) ولم تنحصر هذه التغييرات في صدور برامج جديدة فقط بل تجاوزها إلى تزويد المدرس بمجموعة من الوثائق والتوجيهات التربوية التي ساهمت بشكل فعال في تجاوز النقص الذي اتصفت به البرامج السابقة من حيث عدم وضوح أهدافها وعدم ملاءمة مادتها . وفي هذا الإطار حضيت كتابة التلميذ باهتمام واضح سواء على مستوى عرض وتحليل تقنياتها وعناصرها واقتراح طرق اكتسابها .ومن أهم الوثائق كتيب التوجيهات الذي يعتبر كتابة التلميذ جزءا لا يتجزأ من الدرس ولا يمكنه أن يتعلمها إلا داخل الدرس وليس خارجه .وتأتي المذكرة 149سنة 1991لتؤكد على ما ورد في الكتيب وتتعرض إلى التمييز وتصنيف المهارات ثم تنتقل إلى تسطير طريقة تجعل التلميذ يكتسب تلك المهارات ويوظفها .هكذا تتدرج مهارات الكتابة من فهم الإشكال إلى صياغته ثم تفكيك وتحليل المادة المعرفية وتنظيمها اعتمادا على طرق العرض .وتدعو المذكرة إلى تجزيء هذه المهارات بمشاركة التلاميذ ودلك بتخصيص مدة زمنية لشرحها وأخيرا دفعهم إلى التمرن عليها عمليا.
في هذه المرحلة تم العمل على إدخال تعديل على نظام المراقبة المستمرة في التعليم الثانوي يتماشى مع التعديل المقرر في عدد دورات الامتحان. وبموجب هذا التعديل تم الإبقاء على الفروض المحروسة 2الى 3 في الدورة إلا أننا أصبحنا بداية من موسم 91/92امام دورتين عوض ثلاثة دورات لكن الجديد هنا هو احتساب المراقبة المستمرة بنسبة 25 في المائة في امتحانات الباكلوريا والدعوة في نفس الوقت إلى الاعتناء بها ودلك بالإعداد الجيد لها وتحديد الوقت المناسب لها ثم مراعاة حصيلة اكتساب التلميذ ثم تحديد عناصر الإجابة.
ان المشاكل التي أفرزتها هذه الفترة تعلقت غالبا بكيفية مقاربة النص ما دام تدريس الفلسفة اعتمد النصوص باعتبارها المؤثث الأساسي للدرس وانتقلت هذه المشاكل من قاعة الدرس الصيغة التي حدد بها سؤال الامتحان .وكما نتذكر شهدت هذه المرحلة التركيز على النص المرفق بالسؤال (الشعبة الأدبية). ولوحظ أنداك أن هذا السؤال كان يقف حاجزا في غالب الأمر أمام النص ليحجبه في نفس الوقت.مثل هدا السؤال كان يترك الكلمة لطارحه لكي يتدخل كوسيط مشوه بين النص /الفيلسوف/المفكر وبين التلميذ بحيث كان يغيب الفيلسوف ويغيب المدرس باعتباره مقترحا لهذا السؤال المذيل للنص.
لاحظنا في هده المرحلة أن السؤال كان:
إما مخالفا لجوهر النص
إما انه يعول على الذاكرة
إما انه يطرح مسالة ثانوية
اما سؤالا غير إشكاليا أو غير فلسفيا.
   على سبيل المثال سؤال دورة يونيو 95 طرح السؤال التالي كتذييل للنص:يميز صاحب النص بين شكلين للعمل وضحهما وبين إلى أي حد يعتبر الشغل أداة للاستلاب؟ نلاحظ أن الشطر الأول من السؤال غير فلسفي دلك ان هدا المطلب المتضمن في السؤال من المفترض أن يقوم به التلميذ بدون آن يطرح أو يطلب منه مادام سيشتغل على النص ..
يقول الإستاذ عبد المجيد الانتصار"هناك فرق بين سؤال الفلسفة وبين سؤال مدرس الفلسفة....فحضور سؤالنا نحن عن الفلسفة تغييبا لسؤال الفلسفة.إن حضور كتابتي ولغتي وعلامة استفهامي في السؤال يعني غياب كتابة ولغة واستفهام الفيلسوف...."
سنة 1996ستشهد تحولا مهما أعلنته المذكرة 127حيث تم التعاقد من منظور جديد يراعي التدرج ومستوى تحصيل التلميذ .حددت المذكرة الصيغ التالية

الثانية الأولى
الدورات
المستويات
النص مرفوق بأسئلة الفهم سؤالان حول مضمون درس معين مع اختلاف المضامين 2 علمي
النص المرفوق بالسؤال المركب ذو المطلبين النص مذيل بأسئلة 2 أدبي
_ _ _ _ _ _ _ _ النص مذيل بأسئلة 3 علمي
القولة السؤال
السؤال المفتوح النص مرفوق بصيغة حلل و ناقش 3 أدبي
نلاحظ من خلال الجدول أن كل دورة تعلن تعاقدا جديدا والنتيجة 7 صيغ
نلاحظ كذلك بأن الثواني أدبية والثواني علمية (التسمية القديمة) يعتمدون نفس المقرر تقريبا وينسحب هدا على الثوالث ادبية وعلمية .إلا أن الاختلاف بينهما يسجل على مستوى التقويم .
إن التلميذ الذي اجتاز امتحان الدورة الأخيرة من الباكلوريا يكون قد اضطر الى التوقيع على تعاقد جديد في كل دورة ويكون قد خضع إلى 4 تعاقدات مرغما وبالتالي تجارب مختلفة مادام المطلوب يتغير في كل دورة.
    السؤال الذي يفرض نفسه هنا يتعلق بمدى إدماج التلميذ لكل هذه الصيغ والرسو على صيغة نهائية .إن الجواب على هذا التساؤل تعكسه أوراق الامتحان حيث لاحظنا أن أغلبية التلاميذ لم يستقروا على بر الأمان مادام اغلبهم يطرح في قاعة الامتحان استفسارات عن منهجية الكتابة وكيفية التعامل مع السؤال.
ادا قارنا بين كل الصيغ والطرق التي تم اعتمادها لحد الآن يبدو لنا أن كل طريقة لها ايجابياتها وسلبياتها وان كل الطرق تنتهي في الأخير إلى مطلب الإنشاء الفلسفي مادام هو المطلب الأخير في السنة النهائية .
لكن هل يمكن أن نطلب من التلميذ أن يكتب انشاءا فلسفيا في الوقت الذي لم تعد أية مادة تعليمية تتحدث عن الإنشاء .لنأخذ الفرنسية مثلا حيث تم ا لانتقال من la redactionإلى essaiإلىon tidisserta إلى n ecrite productio ويمكن أن نتساءل لماذا هذه النقلة من مطلب لآخر ؟في السنوات الأخيرة ثم التركيز على المطلب الأخير الذي يقدم للتلميذ مجموعة من المفاتيح تساعده على الكتابة .نفس المطلب موجود في اللغة الانجليزية وفي اللغة العربية.


   هذا الطرح الذي اعتمد في اغلب المواد وبالأخص في الدرس الفرنسي يدفعنا إلى طرح السؤال التالي :أليس التبسيط بهذا الشكل وانطلاقا من مطلب الإنتاج هو الذي ساهم في تدهور مستوى التلميذ في الدرس الفرنسي وبالتالي إمكانية استيعاب اللغة الحاملة له؟
خضع الدرس الفلسفي بدوره لمجموعة من التحولات طيلة برمجته في التعليم تحولات انعكست على مستوى التقويم حيث ننتقل في كل مرحلة إلى مطلب جديد مخالف للسابق الشيء الذي يفرض سؤالا أساسيا هنا أي صيغة رسخها التلميذ في آخر المطاف ؟
    حسب التسلسل الذي تفرضه المذكرة السابقة الذكر فإن على التلميذ أن يرسخ الكتابة المقالية أي الإنشاء الفلسفي فهل يعقل أن نطلب منه كتابة يفتقدها في كل المواد المدرسة ؟وهل يعقل أن نتنازل عن هدا النوع من الكتابة الفلسفية ونحن ندرك جيدا ماآلت إليه المواد الأخرى عندما تساهلت وتنازلت عن هذا النوع من الكتابة معتمدة طرقا وصيغا متواضعة؟
اذا استطعنا الحسم في مسالة التقويم فيجب أن يتم هذا الحسم في إطار حل شمولي يشمل جميع المواد المتقاربة مادام التقويم هو الذي يفجر كل المشاكل المسكوت عنها

4الأسس النظرية للسؤال الفلسفي .

ان تحديدنا لمشاكل التقويم وبالتالي السؤال الفلسفي واختيارنا لمجموعة من الصيغ عبر تاريخ تدريس الفلسفة بالمغرب لم يرق إلى مستوى التأسيس النظري بقدر ما ارتكز على تجربتنا وتصوراتنا العفوية كاساتدة. ونظرا لكون التجربة ميدانا لا حدود له ومن اجل ضبط جيد لصيغ الامتحان ولطبيعة الأسئلة التي تتطلب أنواعا من الإجابات , ومن اجل جعل التقويم كذلك يبنى على تعاقد واضح بين الفاعلين التربويين ولكي يصبح تصورنا للامتحان انعكاسا لممارسة التلميذ والاستاد معا لأجل هدا يتعين علينا البحث في اتجاه تأسيس نظري للسؤال الفلسفي .

أ تحديد الأسس البيداغوجية للسؤال الفلسفي

   ما الهدف التربوي من السؤال؟ماذا يطلب من التلميذ على وجه الدقة؟ ما المنتظر من إجابة التلميذ؟ما الهدف من كل صيغة من الصيغ المعتمدة؟ما هي الأسس التربوية لكل اختيار؟كيف يمكن ضبط هذه الصيغ بشكل يجعل الاختلاف شيئا طبيعيا؟

ب تحديد الأسس الفلسفية للسؤال الفلسفي

ويكون هدا انطلاقا من خصوصية الخطاب الفلسفي والأفعال المؤسسة له.
ماهو البعد الفلسفي لاعتمادنا صيغة من الصيغ المذكورة؟
ما الذي نهدف إليه من خلال طرحنا للأدوات التالية:لماذا..كيف ..إلى أي حد..هل ؟
هل كل طرح استفهامي يمكن اعتباره إشكالا فلسفيا؟ متى يكون السؤال فلسفيا أو إشكاليا ؟
إن الغاية من العمل على تأسيس نظري لأسئلتنا هو تحليل ودراسة تجاربنا واختياراتنا من اجل الكشف عن التصور والسلوك التربوي الخفي لهذه الاختيارات والوعي بها من اجل الوصول إلى تصور واضح للأسس التي تبنى عليها الأسئلة بحيث تصبح لكل صيغة من الصيغ المعتمدة ما يبررها تبريرا تربويا وفلسفيا .
   لكن السؤال الذي يفرض نفسه في آخر هذه المداخلة هو كالتالي : هل اذا تحققت كل هذه الأسس سنصل إلى تقويم يستجيب لأهداف الدرس الفلسفي ؟ وهل يمكن للتقويم أن يكون منطقيا وعقلانيا ؟
تعرضنا للمقوم التلميذ وللسؤال وماذا عن المقوم عن المصحح؟ انه إشكال الشارع . البيت الآباء؟


5اعتباطية التقويم الإجمالي

  اتضح من خلال مجموعة من الأبحاث المرتبطة بالتقويم أن الاعتباطية هي السمة الغالبة على اغلب المواد وان هذه الاعتباطية تتمظهر بشكل ملفت للنظر في التقويم بالنسبة لمادة الفلسفة دلك أن النقطة "شبه المتفق عليها"لمترشح تستدعي في المعدل 762 مصححا وبالتالي تصحيحا حسب Banniol وفي الفرنسية 468وفي الرياضيات 78.
إن تحليل الفارق يمكن من الكشف بالخصوص على :
_التأويل المتفاوت لطريقة معالجة نفس الموضوع.
_ تعدد مقاييس التصحيح حيث أن السؤال يمكن أن يحتمل الكثير من عناصر الإجابة (19 في منطقة باريس وما يقارب 70بالنسبة لمؤسسة تعليمية استطاعت أن تبدع برناما logiciel).
_الترجمة المتفاوتة للمعايير المتفق عليها إلى نقطة عددية.
_ تعدد التأويلات المشروعة لنفس الموضوع التي نقف عندها من بعد التصحيح والتي تقف في وجه كل نموذج موحد قبليا .
بالرغم من أن سلم التصحيح يدعو إلى توحيد الرؤية والى التناغم والانسجام إلا انه ينتهي إلى بعض التناقضات:
_ مابين دقة المقاييس المفروضة للتصحيح وليبرالية مختلف التأويلات المتعلقة بموضوع مطروح
_ مابين مطلب تقني صارم يحمي التلميذ واثبات السلطة المطلقة لكل مصحح.
  يمكن أن نضيف هنا أن المسالة عندنا غالبا ما تتعلق بمسالة اختيار السؤال أو النص فعندما نفتح سجل الأسئلة /النصوص التي امتحن فيها التلميذ فهي غالبا لقارئين ولمؤولين وليست لفلاسفة.وفي إطلالة سريعة على مجاميع الامتحانات الفرنسية لمجموعة من السنوات لم اعثر إلا على نصوص من إنتاج فلاسفة فمادا يفعل عندنا على حرب(في أكاديمية وجدة وأيام كان السؤال جهويا اغلب النصوص كانت ماخودة من كتب علي حرب) وغيره من القارئين أو المؤولين هل انتهت النصوص الأصلية لنلجأ إلى هؤلاء المتدخلين.؟


شاركها على حسابك في :

مدرس مادة الفلسفة مُتقاعد .

مواضيع ذات الصلة: